على مرّ السّنين، كنت أتسائل ما الذي يجذبنا إلى بعض الأشخاص أكثر من غيرهم؟ أو بصورةٍ أدقّ ما الذي يجذبنا إلى الجنس الآخر؟ بالتأكيد، الكيمياء تلعب دورًا كبيرًأ في علاقاتنا العاطفية. ولكن، هناك صفاتٌ ومميّزاتٍ خاصّة في شخصيّة الإنسان تجذبنا إلى بعضنا البعض من دون الآخرين. على سبيل المثال، البعض ينجذب نحو مظهر الشّخص، البعض ينجذب نحو الشخص المتمكّن ماديًا والبعض الآخر ينجذب نحو الشّخص ذو الكاريزما العالية، أو الشّخص الودود أو الّلطيف أو المفكّر والذكي.
مؤخّرًا، خطرت في ذهني كلمة جديدة توضّح السّبب الذي يدفعني للانجذاب والإعجاب بالجنس الآخر؛ هذه الكلمة هي (سابيوسكشوال Sapiosexuality ) وتُعرف حسب قاموس أيربان Urban dictionary كالآتي (هو الشخص الذي يجد أنّ الذّكاء والعقل هما أهمّ ميزة تجذبه نحو الجنس الآخر). أصل الكلمة مشتقّ من كلمتي Sapiens التي تعني الحكمة وكلمة sexual التي تعني الجنس أو جنسي.
عندما أتمعّن بعلاقاتي السّابقة مع الرجال، أدرك أنّي كنت دائمًا أنجذب إلى الرجال الأذكياء لأنّي أؤمن بأنّ العقل هو أكبر عضوٍ تناسلي (تعبير مجازي). الأشخاص الذين يعترفون بكونهم “سايبوسكشوال” سيقولون لك بدون تحفّظ أنّ عقلية الشّخص تثيرهم ويتحمّسون عند سماع أفكاره ورؤاه. الأشخاص الذين يتميّزون بكونهم “سايبوسكشوال” يعشقون النّقاشات الفلسفية أوالسياسية أو النفسية ويثارون عليها كأنّها مداعبة جنسية. الأشخاص السايبوسكشوال لا ينجذبون إلى الأشخاص الأذكياء من أجل الغايات الجنسية فقط، فقد يكون حبّهم أفلاطوني (حبٌّ عذري من غير شهوة). هذا التأزّر الثقافي بين الشّخصين سيمضي بعلاقتهم قُدُمًا.
السايبوسكشوال يتحفّزون أو يتحدّون بالطريقة التي يفكّر بها الشّخص المقابل، فهم يقعون في حبّ العقل. أحيانًا يسمّى الأشخاص السايبوسكشوال بأسم “نيمفوبرينياك Nymphobrainiac” أو الشّخص الذي يجد من المثير المحاورة مع الجانب الثقافي للشّخص الآخر.
أمناء المكاتب، المعلّمون، الأساتذة والآخرون الذين لهم علاقة بالتّعليم يعتبرون من أكثر الأشخاص الذين يرغب بهم السابيوسكشوال.
في مختاراتٍ أدبية نشرت في عام 2014 تحت إسم (الكتاب الضخم في الشبقThe sexy librarians’s big book of erotica ) يوضّح الكتاب في مقدّمته كيف يكون أمناء المكاتب هم موضوع التخيّلات الجنسية للبعض، فالكتاب يتّفق على أنّ العقل هو أكثر عضوٍ مثيرٍ للشهوة وأنّ الذكاء مغرٍ، فأمناء المكتبة يقرؤون في الكثير من المجالات العلمية ويستطيعون أن يتحدّثوا في العديد من المجالات المختلفة.
في كثيرٍ من النّواحي و ضمنها الميول الجنسية، لها جذور في طفولتنا، فما يحدث لنا أثناء الطفولة يكون الأساس لما سنكون عليه عند النضج. خصوصًا في علاقتنا مع آبائنا من الجنس الاخر (الأب إذا كنت بنت والأم إذا كنت ولد) أوّل علاقة حبٍّ نخوضها. ربّما يكون ما نريده في شريكنا هو الشّيء الذي نريده لأنفسنا.
على سبيل المثال أعرف بنت قالت لها أمّها عندما كانت صغيرة بأنها ليست ذكية، لهذا السّبب هي دائمًا ترغب في الذكاء لنفسها ولأحبّائها. وقد عُرف منذ زمنٍ بعيد أنّ النّساء اللّاتي يُعشقنَ من قبل آبائهن يتوقّعن أو يرغبن في المثل من شركاء حياتهن، ويمِلن إلى الإبتعاد عن الأشخاص الذين يعاملونهنَّ بازدراء أو لا يحترمونهن. ومن جهةٍ أخرى، إذا كان للولد أمّ لاتتواجد للعناية به أو كانت فقيرة أو نرجسية فسيحاول أن يتلقّى الحبّ والعطف من المرأة غير القادرة على توفيرهما. إذا كنت قد نعمت بطفولة سالمة وهانئة فإنّك ستشعر بالأمن والتّقدير والحماية من قبل شريك حياتك عندما تنضج. شعورك بكلّ هذه الأحاسيس سيؤدّي حتمًا إلى حياةٍ جنسية وعاطفية أفضل.
إعداد: عقيل فضيل
تدقيق لغوي: هاجر.ب