رغم أن الجري قديما في مضمار السباق كان باتجاه عقارب الساعة، وكانت جميع السباقات خلال دورات الألعاب الأولمبية الأولى تتم كلها بنفس اتجاه العقارب، فأن أغلب محبي الرياضة ومتتبعيها حاليا قد لاحظوا أنه رغم اختلاف خصوصيات كل رياضة فإنها أصبحت تشترك في كون مسار جميع الأحداث بها يكون عكس اتجاه عقارب الساعة. وإذا بحثنا عن أسباب ذلك فالأكثر وضوحا من بينها هو “أن القواعد تقول أنْ نفعل ذلك”، لكن هذا لا يفسر حقيقة الأمر، حيث اتضح أنه لا توجد إجابة محددة، ولكن توجد فقط الكثير من النظريات.
وفقا للخبراء الذين قاموا بدراسة هذا الأمر، يُعتقد أنه من الأسهل على مستعملي اليد اليمنى والذين يشكلون غالبية سكان العالم، أن يركضوا في حركة عكس اتجاه عقارب الساعة. يقول علماء الفيزياء أن وضع قدمهم اليمنى للأمام والإنحناء في المنعطفات يشعرهم بمزيد من الراحة ويوفر المزيد من القوة والتوازن في الإتجاه العكسي. وقد تعدى الأمر كذلك إلى سباقات الناسكار (NASCAR: National Association for Stock Car Auto Racing) أي سباقات الإتحاد القومي لسباق السيارات القياسية، التي ورغم أن المتسابقين الرجال يجلسون فقط داخل السيارات خلال السباق فإنها تعتمد على اتفاقية التسابق عكس عقارب الساعة. وتعدى الأمر حتى للحيوانات الأخرى مثل الكلاب، القطط والخيول التي تفضل غالبا الجهة اليسرى وتُجري سباقاتها بهذه الطريقة أيضًا.
نظن أن الجري عكس اتجاه عقارب الساعة رغم غياب تفسير له يبدو أكثر طبيعية، حيث يتجاوز العداؤون مراقب السباق بالطريقة التي يستخدمها معظم الناس، وخاصة المسؤولين عن تنظيم مسار ومجال السباق، فهم يقرؤون وينظمون الوقت الزمني بنفس الإتجاه (من اليسار إلى اليمين، إذا كنت بحاجة إلى آلية بصرية).
من النظريات التي اقتُرِحت لتفسير هذا:
هيمنة الجانب الأيمن:
تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من 90 ٪ من سكان العالم هم المسيطرون على الجانب الأيمن، وربما أصبح الأمر يتعلق بتفضيل الأغلبية للعمل مع ميولهم الطبيعي للإنحناء إلى اليسار وليس ضده. يمكن رؤية المزيد من الدعم لهذه النظرية، فألعاب القوى تعمل أيضًا عكس اتجاه عقارب الساعة. بالطبع، تجدرُ الإشارة أن هناك الكثير من التظاهرات التي تدور أحداثها مع اتجاه عقارب الساعة.
هناك أدلة أنه حتى في العصر الروماني، كانت سباقات المركبات تجري عكس اتجاه عقارب الساعة، وأن هؤلاء المتسابقين والمقاتلين يحبون الحفاظ على يدهم المسيطرة إلى الخارج عند دورانهم في حال احتاجوا لسحب سيفهم وهو شيء نادر الحدوث في سباق الدراجات.
علم الفزيولوجيا:
تتمحور الحجة العلمية التي تدعم هذه النظرية حول موضع القلب في الصدر وكيف يضخ الدم. يقوم الوريد الأجوف العلوي بجلب الدم غير المؤكسد إلى القلب عن طريق شفط القلب. يحمل هذا الوريد الدم من اليسار إلى اليمين عبر الجسم. قوة الطرد المركزي بسبب حركة المتسابق عكس اتجاه عقارب الساعة ستساعد على سحب الدم. ولكن إذا قمنا بالدوران باتجاه عقارب الساعة، فإن قوة الطرد المركزي تعيق عملية السحب، لذا فإن الركوب في اتجاه عقارب الساعة من شأنه أن يتعب الناس بشكل أسرع.
- هل سبق لأحد أن أثبت هذا؟ لا.
- هل يتحرك راكبو الدراجات بسرعة كافية ليصبح هذا عاملاً؟ مشكوك فيه، بالنظر إلى طول 250 متر من المسار القياسي.
الحركة من اليسار لليمين:
تتم قراءة غالبية اللغات المكتوبة من اليسار إلى اليمين، لذلك من المنطقي أن يكون معظم المشاهدين أكثر راحة بعد النشاط الذي يأتي من اليسار ويذهب إلى اليمين. بالطبع، هناك لغات مكتوبة تقرأ من اليمين إلى اليسار، بالإضافة إلى بعض اللغات التي تذهب من الأعلى إلى الأسفل، ولا يبدو أن ذلك يؤثر على اختيار الاتجاه.
دوران الأرض:
نظرًا لدوران الأرض، فإن تأثير كوريوليس في نصف الكرة الشمالي (الذي يجعل العواصف تدور عكس عقارب الساعة) سيعطي المتسابق المتحرك عكس اتجاه عقارب الساعة ميزة طفيفة، مما يؤدي إلى نتائج في وقت أسرع. بالطبع، العكس صحيح في نصف الكرة الجنوبي، حيث سيؤدي اعتماد الأحداث عكس اتجاه عقارب الساعة إلى إحداث ضرر.
خلافا لهذا، فقد تم تسجيل عدد من الأرقام القياسية العالمية لركوب الدراجات في نصف الكرة الجنوبي، بما في ذلك البرازيل وبوليفيا وأستراليا، الأمر الذي يبطل أهمية تأثير كوريوليس.
ومع كل هذه النظريات، تبقى الحاجة إلى ضرورة اختيار واحد من الإتجاهين من أجل توحيد المسابقات الدولية، هي التي حسمت الأمر لصالح اتجاه عكس عقارب الساعة الذي تم الموافقة عليه جماعيا.
إعداد: وسام بلغيت
تدقيق لغوي: أسماء كعبوب