الرجل و المرأة كائنان مختلفان ولِكل منهما هرمونات وأعضاء مختلفة، فالنساء يستطعن الإنجاب على عكس الرجل الذي لا يمكنه ذلك ـ على الأقل حتى الآن ـ إضافةً إلى أنّ الرجال أقوى من النّساء جسديّا، أما من حيث عدد النساء في العالم فهُنَّ أكثر من عدد الرجال، حيث يَشْغَلْنَ نسبة 52 في المائة من تعداد العالم، لكنَّ معظم مراكز السُّلطَة يَستَحوِذُ عليها الرجال، وكُلَّمَا عَلَوتَ أكثر كلما قَلَّ تَواجد النِّساء هناك، وبالتالي فإن الرجال هم من يحكمون العالم.
لكنَّ هذا الوضع أقرب أن يكون مَنطِقِيًا قبل ألف سنة من الآن، فالناس في ذلك الوقت كانوا يعيشون في عالم تُعدُّ فيه القوة الجسدية أهم سِمة، حيث تُمَثِّل وسيلَةَ دفاعٍ وأمانٍ ونجاة، فكان من الطبيعي جدا أن الأقوى جسديا هو الذي يحكم ويقضي، والرجال عادة أقوى من النساء جسديا لذلك هم من حكموا في مثل تلك الحِقَب والفَتَرَات، لكننا اليوم نعيش في زمن مُختَلفٍ تمامًا عن سَابِقِيه، فالشخص الذي يُمكِنُه القِيَادَة ليس الأقوى جسديا بل الأَكثر إبداعًا وذَكَاءً، لذلك يبدوا أننا تتطورنا مع مرور الزمن لكن تفكيرنا ورؤيتنا بخصوص التفرقة الجنسية لم تتطور. إن المجتمع لازال يُصنِّف حالة المرأة عند وصولها سِنًّا مُعينًا دون زواج فشلاً شخصيًا عميقًا، بينما إذا لم يتزوج الرجل بعد سِنٍ معين يرى المجتمع ذلك على أنه لم يجد الاختيار المناسب بَعدْ.
كما يرى المجتمعُ المرأةَ في حال زواجها أن صِفةَ الزَّوَاج هي لُغَةُ تَمَلُّكٍ وليست لُغَةَ مُشَارَكَة، فيُستَخَدَمُ مُصطَلَح الإحترام بخصوص ما يَجِبُ أن تفعله المرأة للرجل، لكنَّهُ نَادِرًا ما يُستَخدَمُ في وصف ما يجب على الرَّجُلِ فِعلُه اتجاه المرأة.
أَحيانًا يَقولُ الرجل بِنَوعٍ من السَّخَط: “زَوجَتي طَلَبَت مِنِّي أَلاَّ أَذهب للنادي كُلَّ ليلةٍ لِذَا أنا أذهب نهاية كل أسبوع فقط كي أرتاح في زواجي”، بالمُقَابِل قَولُ الأُنثَى “لأرتاح في زواجي” فهي كلمة تعني التَّخَلِّي عن وَظِيفَة، عَن حُلمٍ، عن مُستَقبَلٍ مِهنيٍ، وبالتالي فَنَحنُ نُعَلِّمُ النِّساءَ أنَّ التَنَازُلَ في العَلاقات هو ما يجب عليهن فعله. نحن نربي النساء أن يَكُنَّ مُتَنَافِسَات، لكن لَيسَ على وَظيفةٍ أو إنجازٍ بَل على جَذبِ الرِّجَال، نحن نُشَجِّعُ جِنسَ الرَّجُلِ فلا نَمدَحُ الفِتيَانَ على عُذرِيَّتِهِم ولَكن نَمدَحُ الفتيات على ذَلك، وعندمَا تَرَى المَرأةُ زَوجَها يُغَيِّرُ حَفَّاظَةَ ابنِهِمَا تَقولُ لَهُ شُكرًا لَكن مَاذَا لَو رَأَت هَذَا العَمَلَ طَبِيعيًا فَمِنَ الوَاجِبِ عَليهِ رِعَايَةُ ابنِهِ.
لكن ألن يكونَ العالمُ أكثرَ سعادة إِذَا كنّا كلّنا نِسوِيّين؟ إذَا دافعنا كلنا عن المُسَاوَاة بين الرَّجُلِ والمَرأَة؟ في الحَقيقَة نحنُ نسيءُ لأبنائنا بطريقة تَربيتنَا وذَلكَ بِتَعريفِ الرُّجولَة بطَريقَة مَحدودَة جِدًا، فنحنُ نُعلِّمُهُم أَن يَجتَنِبوا الوهنَ والضُّعفَ لأنَّهُم رِجال، وبِهذَا نُعَلِّمُهُم أن يُخفوا إِنسَانِيَّتَهُم.
في المَدرَسَة الثَانَوية إذَا خَرَجَ أَيُّ صَبِيٍ وفَتَاة مُراهِقَين ذُو مَصروفٍ مُتَسَاوٍ، فإنَّهُ من المُتوقَّعِ أَن الصَّبِيَ هو من سَيَدفَع لإثبَاتِ رُجولَتِه، ثُمَّ نَتَسَاءَل لماذا الصِّبيَان هُم أَكثَر من يَسرِقُ المَال.. “بِبَسَاطة لأَنَّنا عَلَّمنَاه أن الرَّجُلَ هو مَن عَليه أَن يَدفَع”.
لَكن مَاذا لَو قُمنَا بتَربِيَةِ الذُّكُور والإِنَاث بِعدَمِ رَبطِ الرُّجُولَة بالمَال، مَاذا لَو كَانَ المُتَعَارَفُ عَليه أَنَّ مَن لَدَيهِ مَالٌ أَكثَر يَدفَع، إذَا رَبَّينَا أَبنائَنا بهَذِه الطَّريقة فبعد 50 إلى 100 سنة لن يَكون عَلى الرَّجُل ضَغطُ إثبَاتِ رُجُولَتِه على المَرأَة، ولَن يَكُونَ على المَرأَة ضَغطٌ أن تَحتَويه.
المصدر :
Chimamanda Ngozi Adichie (2014), We should All be Feminste, A vintage original ebook, New York, USA
تدقيق لغوي: أنس شيخ
تصميم: رامي نزلي