ظهرت مؤخّرًا قضية خطيرة بطلتُها شركة “فيسبوك”، حيث اِتُهِمَت هذه الأخيرة بأنّها سرَّبت بياناتٍ شخصية لمستخدميها، وتمّ ذلك عن طريق تطبيقٍ في الفيسبوك يسمّى:«This is your digital life-TIYDL»، وبعدها قُدِّمت البيانات لشركة “Cambridge Analytica”، هذه الأخيرة تشتهر باستخدام أساليب مشكوك فيها للتأثير على الحملات الانتخابية وقد حدث هذا بين عامي 2014 و2015.
لا تطلعنا شركة الفيسبوك بشكل دقيق عن عدد مستخدمي هذا التطبيق، فهي تدعي أن 270 ألفًا فقط استخدموه، لكن التقديرات تشير إلى أن شركة Combridge Analytica وصلت إلى بيانات 87 مليون شخص، نتيجة لذلك أمضى رئيس شركة فيسبوك «مارك زوكربارغ- Mark Zukerberk» يومين في الكونغرس الأمريكي يخضع لاستجواب، وفي بريطانيا يقوم فريق قانوني بتجميع أصحاب الدعاوي لأخد الفيسبوك إلى المحاكم بسبب سوء تعاملها مع البيانات.
فأين حصل الخلل؟
لنكون أكثر دقة حول المعلومات الشخصية، قد أعطى مستخدمو تطبيق TIYDL الإذن له بالوصول إلى صفحة الملف الشخصي العامة وتاريخ الميلاد والمدينة الحالية لجميع أصدقائهم في الفيسبوك دون إذنهم، بالإضافة إلى أي صفحة أعجبوا بها.
واعترفت الفيسبوك أيضًا أنّ «عددًا صغيرًا من الأشخاص» تمكنوا من الوصول إلى الجدول الزمني الخاص والرسائل الخاصة للمستخدمين، مما يعني أنّ المشاركات والرسائل من أصدقائهم قد تم الحصول عليها، ومما يدعو للقلق ،أنّ هذه الرسائل الخاصة مع الأصدقاء مليئة بالتفاصيل الحميمية، لا يجوز لغير المعني بها الاطلاع عليها، ومن الصعب استيعاب وتقبل أنهم ساعدوا بها حملات سياسية دون علم أصحابها.
لكن الفيسبوك بررت موقفها، بأن كل هذا مطروح على المسخدمين ووافقوا عليه، مبدئيًا من خلال اشتراكهم بالموقع، أو من خلال إحدى رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالشركة المعتادة التي لا يقرأها أحد فعليًا.
وأُنشئ تطبيق TIYDL في الأصل من قبل البروفيسور «الكسندر كوغان» من جامعة كمبردج، للبحث عن مدى توافق الظهور في الإنترنت مع سماتنا الشخصية، وبعد ذلك أعطى «كوغان» البيانات من التطبيق إلى شركة Combridge Analytica ، وهذا ما اعتبرته الفيسبوك انتهاكًا لشروط الخدمة، لكن «كوغان» قال أنّ الفيسبوك كانت تدري بنيته في تمرير البيانات، وتم كتابة ذلك في شروط وبنود التطبيق، وقد فتحت مفتشية المعلومات البريطانية تحقيقًا حول انتهاك قانون حماية البيانات، فلا يمكن إعطاء بيانات تم جمعها لأغراض البحث العلمي إلى شركة خاصة تستخدمها بشكل مختلف وبدون موافقة المعنيين.
وبعدما حذر الصحفيون الفيسبوك عن الوضع سنة 2015، صرح الموقع أنّ شركة Combridge Analytica اضطرت إلى حذف البيانات، واعترفت الشركة بذلك أيضًا، الا أنّ مدير بحوثها السابق «كريستوفر ويلي» يدعي أنهم لم يفعلو ذلك.
وبزيادة الغضب الجماهيري، اضطرت الفيسبوك إلى إبلاغ الأشخاص المعنيين، وأصدرت أداة تسمح للأشخاص بالتحقق ما إن كانت بياناتهم قد سربت ( تحقق لنفسك هنا: bit.ly/2uXuHOY) .
وقام موقع الفيسبوك أيضًا بحذف بعض سياسات الخصوصية، منها أن الأصدقاء لم يعد بإمكانهم مشاركة الكثير من المعلومات عنك، لكن بالنسبة للكثيرين مازال هذا لا يكفي، فمثلًا من الصعب جدًا دفع الفيسبوك لحذف فعليًا المعلومات التي تحتفظ بها عنك، ولا تزال إمكانية الاشتراك أو الخروج في بعض خصائص النظام الأساسي محدودة للغاية.
لكن، نحن أيضًا يجب علينا الاهتمام أكثر بالشروط والبنود رغم أنّ قراءتها مملة، ففي دراسة أجراها الباحثون في جامعة كارنيجي ميلون عام 2012، أن قراءة سياسات الخصوصية التي نراها كل عام تستلزم من شخص عادي 76 يومًا.
كلما زاد عدد الشكاوى، قد تبدأ الأمور بالتغير، وتصبح يد الفيسبوك مقيدة أكثر، حيث يقول المحامي «رافي نايك» :” بدأ الناس يعرفون قيمة بياناتهم، وأنّ لديهم بالفعل قوة للمحافظة عليها، وهذا الوعي يحدث بشكل جماعي”.
وتقول «فريديريك كالثيوم» من مؤسسة الخصوصية الدولية (هي أيضًا تم تسريب بياناتها عن طريق صديق لها استخدم تطبيق TIYDL ) :” ليس من الواضح ما إذا كان ما حدث «غير قانوني»، لكن السؤال المهم لماذا هو ليس «غير قانوني»؟
المصدر:هنا
يمكنكم قراءة مقال: ذكاء اصطناعي يقرأ لك سياسة الخصوصية الخاصة بموقع أو تطبيق