لم يجد خط الدفاع الأول نفسه أمام معضلة الأعداد الهائلة من المصابين بفيروس كورونا المستجد فقط، بل أمام معضلة أخلاقية أيضاً بسبب نقص الموارد الطبية و خاصة أجهزة التنفس الإصطناعية فهل فعلا يتم التضحية بالمسنين لإنقاذ المصابين الأصغر سنا؟.
حسب الكاتبة و الصحفية آنا سايبورن: «في أوقات عادية يتم توزيع المعدات الطبية حسب الحاجة . أولئك الذين يحتاجون رعاية صحية عاجلة و مكثفة يحصلون عليها في الحين لكننا لسنا في أي وقت عادي بل نحن في وسط جائحة عالمية».
كوفيد-19 تسبب في معضلة أخلاقية – ليست بجديدة على الاطباء- حيث يضطرون يوميا إلى اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بمن “يستحق” العناية المكثفة أو جهاز التنفس الصناعي و من يموت ببطئ في انتظار معجزة تُنقذ حياته.
يرى انتوني ريجلي و هو مؤرخ إخصائي و محاضر في جامعة ‘‘كيلي‘‘: «إن اتخاذ قرار مصيري بخصوص من يحصل على الرعاية الصحية يُعد مهمة صعبة يجد موظفو الصحة أنفسهم مجبرين على اتخاذها لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المصابين بالفيروس».
ففي إيطاليا التي تحتل المرتبة الثانية بعد اليابان في عدد المسنين يتم التركيز على المرضى الذين لديهم فرصة أكبر للتعافي و ترك المصابين بأمراض تنفسية و خاصة كبار السن لمواجهة قدرهم.
إن قرارات مثل هذه أبانت من قبل عن مخاوف بخصوص تمييز منهجي ضد فئات معينة مثل ما حدث في مواجهة الأنفلونزا والإيبولا. ومن أجل أن يكون قرار تفضيل مريض على آخر مبرَرًّا لابد أن يخضع لأُسس أخلاقية واضحة.كما أنه من الضروري أن تكون المستشفيات على دراية بكيفية توزيع المعدات و الموارد الطبية المتوفرة بعدل في مثل هذه الظروف ولذلك نشرت منظمة الصحة العالمية وثيقة تبين فيها الأسس و المبادئ المتبعة في اختيار من لديه الأولوية في الحصول على الرعاية الصحية في ظل نقص المعدات الطبية، حيث وفرت إطارًا أخلاقيًا عالي المستوى يمكن استخدامه لتوجيه عملية صنع القرار وهي حسب ما يلي:
-المساواة: لايتم أخذ عرق أو عقيدة أو جنس المريض بعين الإعتبار في توزيع المعدات الطبية بل حسب نظام أسبقية الحضور.
-أفضل النتائج: يمكن أن يُستخدم هذا المبدأ لتبرير استخدام المعدات الطبية المتوفرة لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المرضى.
-إعطاء الأولوية للحالات المعرضة للخطر: يتم استخدامه لتبرير مساعدة من يحتاج الرعاية الطبية الطارئة و كذلك من هم في خطر أكبر مثل موظفي الصحة في حالة توزيع اللقاحات …
-إعطاء الأولوية لمن يقدم المساعدة: يتم استخدامه لتبرير توزيع المعدات الطبية على من يمتلك المهارة المطلوبة و القدرة على المساعدة مثل أول المستجيبين و عمال الصحة …
إن هذا الوضوح و الإنصاف في أوقات الشدة يدعم بلا شك استمرارية الأنظمة الصحية على المدى الطويل رغم كونه مؤلما.
إعداد: رميساء بغيبغ
تدقيق لغوي:أسماء كعبوب