جين صغير يتوضع على الكروموسوم الرابع (إذا اعتمدنا ترتيب الأزواج الثلاثة والعشرين حسب حجمها)، وبالتحديد على ذراعه القصيرة، يعرف بأنه أشهر الجينات الحيوية والمرضية لدى الإنسان: جين هنتنجتون The Huntingtin Gene. وكونه أشهر جين مرضي بشري يرجع لكونه مسؤولا عن أغرب المتلازمات الوراثية التي تصيب الإنسان وفق اختلاف نوع وعدد النيكليوتيدات التي تشكله، فغيابه مسؤول عن ظهور متلازمة وولف-هيرشهورن حيث يسبب نقصا بالذراع القصيرة للكروموسوم الرابع،
كما يشفر هذا الجين لبروتين يؤثر في الخلايا العصبية على مستوى المخ يسمى ببروتين هنتنجتون نسبة لمكتشفه، الوظيفة الطبيعية له غير معروفة، لكن تسلسل عديد-جلوتامين الموسع في بروتين هنتنجتون يكون ساما إلى حد ما لخلايا الدماغ (كما هو الحال في اضطرابات توسع الغلوتامين الأخرى) فيسبب متلازمة كوريا هنتنجتون.
تناذر هنتنجتون (HD) هو أول مرض وراثي بشري يمرر كصفة وراثية سائدة، أي تكفي وجود نسخة طافرة واحدة من الجين ليظهر المرض. ويحدث نتيجة التكرار غير المستقر للكودون CAG، فيسبب عند التعبير عن الجين (نسخ وترجمة) تشكيل بروتين هنتنجتون يحتوي على امتداد طويل من الحمض الأميني الجلوتامين (متعدد الجلوتامين) في وسط البروتين.
هذا الامتداد الزائد يؤدي إلى تراكم البروتين (glutamine amino acide) داخل الخلية العصبة بشكل يزيد عن حاجتها، مما يؤدي إلى اختلال وظائفها، ومنه موت الخلايا العصبية في مناطق مختلفة من الدماغ. وكلما زاد امتداد الجلوتامين، كلما كان ظهور المرض مبكرا بنسب أكبر حيث أن معظم الأشخاص الذين يعانون من HD يصابون باضطرابات حركية في الأربعينيات والخمسينيات من العمر، إلا أن الاضطرابات الطفيفة قد تنشأ قبل ذلك بكثير. بينما يعاني حوالي 10٪ من ظهور الأعراض الحركية بعد سن 60 و10٪ لديهم ظهور (Juvenile Onset Huntington Disease (JHD (حالة مرضية من نفس المرض تصيب الأفراد الأقل سنا)، حيث تظهر الأعراض لديهم قبل سن 20.
تكون أعراض المرض جد صعبة ومقاومتها من الأمور المستحيلة وتختلف بين المصاب الشاب (تكون الأعراض أسرع في الظهور وأسرع تطورا) والكبير في السن، وكذلك بين الحديث في الإصابة والقديم فيها. عادة ما تظهر بين سن 30 إلى 50، وتتفاقم على مدى فترة تتراوح من 10 إلى 25 عامًا. في النهاية ، يستسلم الفرد الضعيف للالتهاب الرئوي أو قصور القلب أو غيره من المضاعفات. بمرور الوقت، يؤثر HD على قدرة الفرد على التفكير والمشي والتحدث.
وأبرز التغيرات السلوكية التي تحدث في الأشخاص الذين يعانون من HD هي:
– اللامبالاة، الكآبة، العدوان.
– الهلوسة والهوس، السلوك الفاضح: نتيجة الإفتقاد الى الوعي وعدم القدرة على السيطرة على القدرات العقلية.
– تكرار السلوك نفسه وعدم القدرة على التغيير الى أنشطة أو أفكار أخرى
-القلق الزائد الذي يحدث أحيانا حول الأمور التافهة أو من الارتباطات الاجتماعية نتيجة التغيرات المرئية التي تشعر المصاب بالحرج
– الإنكار نتيجة عدم القدرة على تقبل حقيقة الإصابة والظروف المزرية الناتجة عنها.
– تغيير الجنس وأحد الأسباب المحتملة لها هو أن التوازن الدقيق للهرمونات في الدماغ تعطل، مما تسبب في تغييرات في السلوكيات التي تنظمها مستويات الهرمونات. كما يعاني الأشخاص الذين يعانون من HD من انخفاض الدافع الجنسي.
ما يميز هذا الإضطراب الوراثي هو الحركات القصيرة اللاإرادية والتي تختلف شدتها بين مناطق الجسم ما يعرف بكوريا Chorea ومنه جاءت تسمية المرض.
فكل شخص لديه الجين الذي يسبب HD، ولكن فقط أولئك الذين يرثون توسع الجين سيطورون HD وربما يمررونه إلى أطفالهم. كل شخص يرث جين HD الموسع سوف يصاب بالمرض في النهاية ومنه الموت، فهو مرض لا علاج له رغم وجود بعض الأدوية والوصفات الطبية التي تعمل على تخفيف حدة أعراض الإصابة به. كما توجد بعض الاختبارات الجينية التي تهدف للكشف المبكر عن الطفرة أما وجودها أو غيابها ويبقى تشخيص المرض فيه نوع من الأمراض النفسية فتشخيص المرض يضعك أمام واقع العيش في انتظار الموت القريب ولهذا فإن الكثيرين يرفضون إجراء الاختبار.
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي