تترتّب حروف الّلغة العربية حديثًا ترتيبًا هجائيًا به ثمانية وعشرون حرفًا أصليًّا من الهمزة إلى الياء، تنطلق من مخارجها بجميع صفاتها، تتفرّع منها حروفٌ فرعيّة لا تخرُج تامّةً من مخارجها. والترتيب الهجائيّ هو الشّائع وهو المعمول به في تدريس الّلغة العربية وتُرتّب حروفُه حسب الترتيب الذي وضعه نصر بن عاصم الّليثي كالتالي: (أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي).
وعلى غير ذلك، فإن أراد شخصٌ ما حساب جُملِه وفقراته وترتيبها فإنّه سيخضع في ذلك لترتيبٍ آخر يختلف عن الترتيب الهجائيّ، يُعرف بالترتيب الأبجديّ وهو نظامُ ترتيبِ الحروفِ العربيةِ قديمًا، وأبجد اختصارٌ لعبارة بثمانية ألفاظٍ مشهورة جُمعت فيها كلّ حروف الّلغة العربية وبدون تكرار، صورتها:
«أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ».
- معاني عبارة أبجد:
اِختلف المتتبّعون للشؤون الّلغوية في تحديد أصل وتعريف هذه العبارة، ولكنّ الأصحّ ممّا قيل أنّها هي الأساس في ترتيب الحروف قديمًا قبل أن يتحوّل ترتيبها إلى نظامٍ هجائيّ. وقد اِستمدّ هذا الترتيب من الساميّين الذين جمعوا حروف الهجاء بترتيبها في أولى الكلمات الستّ (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) لأوّل مرة، أما آخر كلمتين (ثخذ ضظغ) فهي آخر ستّة حروف وُجدت وأُلحقت بحروفِ الهجاء ويُطلق عليها الروادف أي التوابع.
- الدلالة الأولى:
عن معنى كلّ كلمة من هذه العبارة (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) فالأغلب أنّها أسماءٌ لملوك قومِ مدين وهم إحدى قبائل العرب التي عاشت شمال غرب الجزيرة العربية وهلكوا يوم الظلة مع نبيّ الله شعيب (عليه السلام)، فـ (أبجد) اختصارٌ لأبي جاد وقد كان ملكًا لمكّة وحُذِفت الواو لوجودها في (هوز) وحُذِفت الألف لوجودها في بداية (أبجد)، و(حطي وهوز) ملكَا الطائف، أمّا (سعفص وقرشت) فقد بقيا في مدين، و(كلمن) كان رئيسَهم. وقد جعلوا حروف أسمائهم هجاءً للغتهم ليكونوا بذلك أوّل من وضع الكتابة العربية.
- الدلالة الثانية:
وفي روايةٍ أخرى فإنّ معنى هذه الكلمات الستّة هي دلالة على الأيام الستّة التي خلق الله فيها الكون وسائر المخلوقات، وقد كُتبت في الكتاب المقدّس. أمّا كلا من (ثخذ) و(ضظغ) فلا دلالة لها سوى أنّها حروفٌ وُجد نطقها ضمن مخارج الّلغة العربية وأُلحقت بها بهذا الترتيب.
- الدلالة الثالثة:
ومعاناها أنّه وُجد لكلّ لفظة من الألفاظ الثمانية السّابقة معنًى خاص بحيث أنّ: (أبجد= أخذ) ومعنى (هوز= ركب) ومعنى (حطي= وقف على المقصود) ومعنى (كلمن= صار متكلما) ومعنى (سعفص= أسرع في التعلم) ومعنى (قرشت= أخذه بالقلب) ومعنى (ثخذ= حفظ) ومعنى (ضظغ= أتم).
وإذا أخذ مجموع معناها على ترتيبها فسيكون: أخذ، ركب، وقف على المقصود، صار متكلّمًا، أسرع في التعلّم، أخذه بالقلب، حفظ، أتم. وهذا يمكن اِعتباره فائدة أخرى فيها بأن تحفظ حروفها بألفاظٍ سهلة بسيطة ثلاثية ورباعية التركيب وكلّها على وزن الماضي.
- الترتيب الأبجدي كنظام ترقيم:
على غرار كلّ حضارةٍ من الحضارات السّابقة التي لها نظام الترقيم الخاصّ بها والذي يُستعمل للتعبير عن الأعداد البسيطة، فالترتيب الأبجديّ كان ولازال نظام الترقيم في الحضارة العربية للتعبير عن الأعداد البسيطة في العربية (من الواحد إلى التسعة) ويستعمل في حساب الجمل وترتيبها، فيقابل كلّ حرفٍ من المجموعة رقمًا خاصًّا من الواحد لتصل إلى الألف، وذلك على الوضع التالي:
أ(1) ب(2) ج(3) د(4) هـ(5) و(6) ز(7) ح(8) ط(9) ي(10) ك(20) ل(30) م(40) ن(50) س(60) ع(70) ف(80) ص(90) ق(100) ر(200) ش(300) ت(400) ث(500) خ(600) ذ(700) ض(800) ظ(900) غ(1000)
ويختلف الترتيب في المغرب اِختلافًا قليلًا في الكلمات التي بعد (كلمن) فيكون في صورة:
«أبجد هوز حطي كلمن صعفض قرست ثخذ ظغش».
وهذا ما له تأثيرٌ على حساب الجمل في المغرب الذي يختلف عن الترتيب المعروف ويكون بذلك وفق الترتيب:
أ(1) ب(2) ج(3) د(4) هـ(5) و(6) ز(7) ح(8) ط(9) ي(10) ك(20) ل(30) م(40) ن(50) ص(60) ع(70) ف(80) ض(90) ق(100) ر(200) س(300) ت(400) ث(500) خ(600) ذ(700) ظ(800) غ(900) ش(1000).
لا تعدّ الّلغة العربية ضمن الّلغات الأكثر عددًا من ناحية الحروف ولكنّ هجائها قد شمل كلّ الحروف التي يمكن النّطق بها وتصبح بذلك أبجديّتها من أكمل الأبجديّات. وإن كانت لغةً يُستهان بها وبمدى سِعتها وشموليّتها، فإنّ اِتجاه مختلف المحطات والوكالات العلمية العالمية على غرار الناسا وهيئة الأمم المتّحدة إلى تعريب مقالاتها وتخصيص يومٍ عالميٍّ لها، ليس سوى دلالةٍ على قرب ريادتها واِحتلالها مكانةً ضمن أشهر لغات العالم.
تدقيق لغوي: بن يمينة هاجر
تصميم: رامي نزلي