وافقت إدارة الغذاء والدواء، يوم الأربعاء الماضي، على نسخة ثانية من العلاج الرائد الذي يقوم بتغيير خلايا المرضى وراثيًا لمهاجمة السرطان، وهذه المرة لمحاربة العدوى اللمفاوية « اللمفومة اللّاهودجكينية » العدوانية.
اللِمْفُومةٌ اللَاهودجكينيَّة عبارة عن مجموعة من سرطانات الدم التي تتضمن أي نوع من الورم اللمفاوي عدا لمفومة هودجكين، وتتفاوت أنواع اللمفومة اللاهودجيكينية في أهميتها وضرواتها.
الورم اللمفاوي هو سرطان الخلايا اللمفاوية (إحدى أنواع خلايا الدم البيضاء)، ويتم علاجه عبر العلاج الكيميائي، المناعي والإشعاعي، إضافة إلى عمليات زرع الأجسام المضادة ونقل خلايا دم جذعية.”
وبالعودة إلى العلاج الجديد، فهو مخصص لفئة البالغين الذي يعانون من أنواع معينة من سرطان الغدد الليمفاوية « B-cell lymphoma »، والذين لم يستجيبوا للعلاج، أو الذين انتكست حالتهم بعد إجراء على الأقلّ نوعين مختلفين من العلاج، مثل العلاج الكيميائي وزرع نخاع العظام. وتضم القائمة حوالي 7500 مريض سنويًا في الولايات المتحدة.
إنه علاج لمرة واحدة، سُمّي بـ « علاج CAR T-cell – CAR T-cell therapy »، وتمّ تصنيعه من قبل شركة « كايت فارما – Kite Pharma »، بـ سانتا مونيكا، كاليفورنيا، والتي تم شراؤها مؤخّرًا من قبل شركة « Gilead Sciences » بمبلغ 11.9 مليار دولار. وقد أعلنت شركة كايت يوم الأربعاء أن اسم العلامة التجارية للعلاج سيكون « يسكارتا » بسعر يقدّر بـ 373,000دولار أمريكي.
في أواخر أغسطس / آب الماضي، قامت إدارة الأغذية والعقاقير بطرح أول نسخة للعلاج: « كيميرا – Kymriah » والذي صمم لمرضى اللوكيميا من الأطفال والشباب الذين لا يستجيبون للعلاجات التقليدية. ويقدّر عددهم بنحو 600 مريض في الولايات المتحدة كل عام. قُدّر سعرُ هذا الدّواء بـ 475,000 دولار، ويتم تصنيعه من قبل « نوفارتيس – Novartis ».
وكما توقّع المحللون في مجال التكنولوجيا الحيوية، فإنّ سعر منتوج شركة كايت أقل من كيمريا، وذلك بسبب أن عدد المرضى المؤهلين أكبر ومعدلات الاستجابة أقل. إلّا أنه من المرجّح أن تثير تكلفة يسكارتا النقاش المستمرّ حول ارتفاع أسعار الأدوية.
وتعتبر موافقة « إدارة الأغذية و العقاقير – The FDA » هي الخطوة الأخيرة إلى الأمام لتحفيز الأبحاث في حقل العلاجات المناعية، والتي تهدف إلى تعزيز جهاز المناعة لمهاجمة الأورام الخبيثة.
__________
العلاجات التائية هي إحدى طرق العلاج التي تسمى بـ « مثبطات نقطة التفتيش أو مثبطات الحاجز » وإحدى لقاحات السرطان. وقد استحوذت مؤخرًا على الكثير من الاهتمام، مع وجود العشرات من الشركات المتخصصة الأخرى التي تعمل في هذا الحقل.
وقال مفوّض إدارة الأغذية والعقاقير « سكوت جوتليب – Scott Gottlieb » في بيان له أن: ” هذا اليوم يمثل علامة فارقة أخرى في تطوير نموذج علمي جديد كليًا لعلاج الأمراض الخطيرة”. وأضاف أن الموافقة تظهر “الزّخم المستمر لهذا المجال الجديد الواعد للطب”.
يتضمن العلاج بالخلية التائية إجراء معقدًا ومتخصصًا يتم فيه إزالة الخلايا التائية – التي تسمى أحيانًا بـ جنود المشاة في الجهاز المناعي – من المريض. ثم يتم إرسالها إلى مختبر خاص ويتم تعديلها وراثيًا لاستهداف البروتين على سطح الخلايا السرطانية للمريض. ومن ثمّ، يتم إرجاع الخلايا المعدلة إلى المريض، فتتوسع أعدادها أضعافًا مضاعفة لتصبح جيشًا من مقاتلي السرطان.
في عام 2015، تم تشخيص « ماري ميسيلي – Marie Miceli » بسرطان الغدد الليمفاوية “لمفوما لاهودجكين” في « مركز سيتمان للسرطان – Siteman Cancer Center »، في سانت لويس، التي يملكها بشكل مشترك مستشفى بارنز وكلية الطب بجامعة واشنطن؛ حيث تلقت العلاج الكيميائي وخضعت لعملية زرع نخاع العظم، دون أي أثر لنجاح أيٍّ من العلاجين.
تقول ماري البالغة من العمر 64 عامًا: “كان الأطباء يقولون:” اذهبي إلى المحامي واحرصي على ترتيب أولوياتك “. إشارة منهم إلى الاستسلام إلى المرض والموت.
ثم عرضوا عليها فرصة في تجربة كايت السريرية، وهي على ما يبدو محاولة الملاذ الأخير. وقالت: “استطعت أن أشعر بذلك عندما وضعوا الخلايا التائية مرة أخرى في جسدي، كان هذا الشعور الأكثر جنونًا في العالم” وعندما تم فحصها بعد شهر، قالت إن سرطانها قد ذهب ولم يعد.
وقال « فريدريك لوك – Frederick Locke »، وهو متخصص في علاج الأورام في « مركز موفيت للسرطان في تامبا – Moffitt Cancer Center in Tampa »، ومشارك في تجربة كيت السريرية :” تستغرق تجربة كايت السريرية 17 يومًا، وذلك من لحظة استخراج الخلايا إلى غاية إعادة الدمج. ”
وأقرّت إدارة الأغذية والعقاقير أن سلامة وفعالية يسكارتا أنشئت في تجارب سريرية متعددة المراكز لأكثر من 100 بالغ مع سرطان الغدد الليمفاوية B- خلية.
كما صرّح « ديفيد تشانغ – David Chang »، كبير المسؤولين الطبيين في شركة كايت: “هذه ليست مجرد فائدة إضافية، بل إن هذا يشير لإمكانية حقيقة في العلاج.”
وقال أن بعض المرضى الأولين الذين خضعوا للعلاج الآن كانوا في حالة انحسار لمدة ثلاث إلى خمس سنوات، رغم أنه حذر من استباق الأحداث ومعرفة إمكانية علاج هؤلاء المرضى.
ومن جهته، تحدّث لوك عن ظهور آثار جانبية حادة تعرف باسم متلازمة إفراز السيتوكين التي ينتج عنها حمى عالية وضغط دم منخفض، إضافة إلى أعراض أخرى عند حوالي 13% من مرضى التجربة السريرية. وكان لدى 28% منهم ‘ أحداثًا عصبية ‘، مثل الارتباك الشديد؛ كما توفي ثلاثة مرضى بسبب المضاعفات الناجمة عن العلاج.
وقال: “هؤلاء هم المرضى الذين يعرفون أنهم خارج الخيارات”، مشيرًا إلى أن مرضى سرطان الغدد الليمفاوية الذين ينتكسون أو لا يستجيبون للعلاج لديهم فرصة 50٪ فقط للبقاء على قيد الحياة لمدة ستة أشهر.
__________
بسبب الآثار الجانبية، فإن العلاج يحمل تحذيرًا مباشرًا من إدارة الأغذية والعقاقير، التي تطالب المستشفيات والعيادات التي توزع يسكارتا بالخضوع للمصادقة والتدريب الخاص لاستعمال العلاج. وقد ورد في إحدى بياناتها أن: ” سرطان الغدد الليمفاوية B- خلية هو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكينية في البالغين. هذا النوع من السرطان يبدأ في الجهاز المناعي ويمكن أن يكون سريعًا أو بطيء النمو. ”
تم تطوير منتج الخلايا التائية من شركة كايت منذ سنوات في المعهد الوطني للسرطان من قبل العالم الرائد « ستيفن روزنبرغ – Steven Rosenberg » ومرخص للشركة للتسويق.
وقال « أرمين غوبادي – Armin Ghobadi »، وهو طبيب الأورام في سيتمان الذي كان محققًا في تجربة كيت السريرية: “إن العلاج الجديد هو ‘ الخطوة الأولى فقط ‘، ولازال الباحثون يعملون على جعلها أكثر أمنًا وفعالية.”
وأضاف: “أن العلاج كان بالفعل قادرًا على تغيير حياة كثير من مرضاه – وحياته أيضًا”، “إذ لا يوجد شيء أسوأ من قول هذا للمرضى: نحن آسفون، لقد انتهينا هنا، لم يعد لدينا أي شيء آخر نقدّمه . ”
المصدر: هنا
تدقيق لغويّ: Amira Bousdjira