Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

سلسلة نظرية النسبية: الحلقة الثالثة

للاستماع للمقال:

https://www.dz-res.com/wp-content/uploads/2017/05/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%20%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%82%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9.mp3?_=1

 

تحدثنا فى الحلقات السابقة عن أهم مفاهيم النسبية الخاصة – وهو “تباطؤ الزمن”، الزمن ليس جامدًا وإنما نسبيّ، يتغير معدل مروره بتغير السرعة، قَلَبَ (أينشتاين) و(لورنتز) الطاولة على تصورات (جاليليو) و(نيوتن) للزمن.

وتسائل (أينشتاين) فى تجربة القطار المتحرك بسرعة منتظمة، ماذا لو أن ساعة الراصد الثابت لن تدق بنفس السرعة التى تدق بها ساعة المرصود داخل القطار، الذى يتحرك بسرعة ما، وبناءًا عليه سنفشل في تحديد السرعات بدقة على طريقة (جاليليو)، ويظهر ذلك الفشل جليًا كلما اقتربت السرعات من سرعة الضوء.

القطار يسير بسرعة 50 كم، وأنت بداخله تسير في نفس الاتجاه بسرعة 1 كم، وبالتالى فإن السرعة النسبية بالنسبة لصديقك، الذي لا يتحرك على رصيف المحطة هى 51 كم، ولكن ماذا لو حاول الراصد قياس سرعة الضوء المنبعث من المصباح المضئ فى مقدمة القطار ؟

طبقًا ل(جاليليو) فإن سرعة الضوء ستُضاف قيمتها إلى سرعة القطار، ولكن هذا لا يحدث في الحقيقة؛ إذ بينت التجارب التي حسبت سرعة الضوء القادم من توائم النجوم التي تدور حول بعضها، ويكون أحد النجمين يدور حول توأمه باتجاه الأرض، أن سرعة الضوء بَقِيَتْ كما هي ثابتة.

 

فسّر تلك الظاهرة العالم (لورنتز) من خِلال علاقته الشهيرة للتأخير الزمني :

 

 تقول العلاقة: “يتباطأ مرور الزمن T على الجسم كلما اقترب من سرعة الضوء أكثر”.

 

توضح العلاقة تباطؤ الزمن بالنسبة للسرعة، ولكن ما علاقتها بثبات سرعة الضوء؟، ولماذا لا يستطيع جسم مهما بلغت سرعته أن يتخطى سرعة الضوء؟! يتضح من العلاقة السابقة، أنه إذا كانت سرعة الجسم مساوية لسرعة الضوء، فإن قيمة ما تحت الجذر التربيعى ستكون صفر، وبالتالى سيكون معدل مرور الزمن T  لا نهاية له، أي سيتوقف مرور الزمن.

ماذا يحدث للزمن بالنسبة للراصدين المختلفين في سرعتهم وأماكنهم؟ وكيف يكون الزمن نسبي ويمر على كل منهم بمعدل مختلف عن الآخر؟ وكيف يقف مرور الزمن عند الاقتراب من سرعة الضوء؟ وكيف نستنتج علاقة (لورنتز) لمفهوم “تباطؤ الزمن”؟

هذا ما توقفنا عنده في الحلقة الماضية، ولإجابة الأسئلة السابقة سنخوض مع أينشتاين تجربة ذهنية :

تَخَيّل (أينشتاين) وجود مرآتين ثابتتين في قطار متحرك بسرعة منتظمة V، بينهما مسافة d ، مواجهتين لبعضهما -كما بالشكل- يمر بينهما شعاع ضوئي من الليزر، يَرْكَب عليه أينشتاين ويرصد حركته، ونقف نحن لنرصد حركة نفس شعاع الضوء على رصيف المحطة:

 

 

لا يوجد أي فرق بين الشكلين الذي على اليسار والذي على اليمين سوى شيء واحد، وهو أن (أينشتاين) سيرى آشعة الليزر تتحرك بالشكل الذي على اليسار، ولكننا سنرى نفس آشعة الليزر تتحرك بالشكل الذي على اليمين، وذلك بسبب حركة القطار التي تؤثر في رؤيتنا لشعاع الضوء، لكنها لن تؤثر على رؤية (أينشتاين) لأنه يتحرك مع القطار ، والسؤال ما هي الحركة الحقيقية لشعاع الضوء ؟ هل هي كما نراه نحن أم كما أينشتاين يراه !

واضح من الشكلين، أن المسافة التي يقطعها شعاع الضوء تتغير بالنسبة لنا و(أينشتاين)،لأن المسافة التي نحسبها مختلفة عن المسافة التي يحسبها هو، لذلك سيحتدم خلافنا معه بشأن تلك المسافة التي قطعها الضوء، وسنحتاج للقاضي (لورنتز)، ليوضح سوء التفاهم، وبما أن المسافة التي قطعها الضوء تغيرت بالنسبة لنا مع (أينشتاين)، فلا بد من أن سرعة الضوء أيضا تغيرت بالنسبة لنا مع (أينشتاين) طبقًا للعلاقة:

تقول العلاقة: “كلما تغيرت المسافة تغيرت السرعة، مع ثبات مرور الزمن”.

 

لكن التجارب تؤكد أن سرعة الضوء ثابتة ولم تتغير! وبناءا عليه يتبقى شيئا واحدا كنا نعتبره ثابتا هو الذي تغير بالنسبة للراصدين المختلفين في أماكنهم وسرعتهم، وهو مرور الزمن، وهذا مناف لفكرة الزمن المطلق الذي يمر على الجميع بنفس المعدل، وهذه كانت ضربة قاضية ليس فقط للحدس البشري وإنما لقلعة الفيزياء كلها التي كانت تعتبر أن الزمن مطلق وثابت ويمر على الجميع بنفس المعدل، أصبح الزمن نسبي ويختلف مروره من مكان لآخر بحسب ظروف ذلك المكان.

بإستخدام بعض طرق الرياضيات -غير مهم معرفتها لغير المتخصص- نستنتج من التجربة الذهنية السابقة، علاقة “تباطؤ الزمن” للقاضي (لورنتز)، والذي يحل بها سوء التفاهم بيننا وبين (أينشتاين) :

 

حل المعادلات باستخدام مثلث فيثاغورث لاستنتاج علاقة (لورنتز) التي تحدد قيمة تباطؤ زمن جسم يتحرك بسرعة V -وايضا من غير المهم معرفتها لغير المتخصص- :

 

 

الضوء لا كتلة له، يسافر دائما بسرعة الضوء، لكن أي مادة أخرى لها كتلة، إذا ما حاولت الإقتراب لحد معين من سرعة الضوء لتقطع مسافات أكبر في زمن أقل، في الحقيقة يتباطأ زمنها، أي كأنها لم تقطع أية مسافات إضافية طبقا لعلاقة السرعة مع الزمن، ستقطع مسافات أكبر في زمن صغير بالنسبة لها فقط ، لكنها ستقطع مسافات أكبر في زمن أكبر بالنسبة للضوء، وبالمقارنة سنجد وكأن الضوء يتحرك بنفس سرعته بالنسبة للمادة المتحركة، أي أن سرعة ضوء كشاف القطار سيظل يسبق القطار بسرعة الضوء اذا كان القطار واقف او متحرك حتى ولو متحرك بسرعة الضوء! فالمادة التي تتحرك بسرعة عالية لم تستغل سرعتها العالية في قطع المسافات بالنسبة للضوء، بل في تأخير الزمن، بسبب علاقة (لورنتز).

هل يتغير مع السرعات العالية الزمن فقط ؟ يجيبنا أينشتاين ولورنتز : “لا”.

يقل طول الأجسام بجنون عند السرعات العالية، وأيضًا تزداد كُتل الأجسام بجنون! وهذه المفاهيم لها مضامين أخطر من خطورة مفهوم تباطؤ الزمن، وهذا موضوع حلقتنا القادمة من السلسلة.

 

المصادر : هنا

هنا

هنا


Modern Physics by Dr. Abou-taleb Mohamed

 

الحلقة الرابعة: هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد : حسام الدين حسن
مراجعة علمية: ثروت الخطيب

تدقيق لغوي : محمد ذياب
صوت: بنان شنو

 

Exit mobile version