Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

سلسلة الأمراض النفسجسدية(4):كيف يمكننا تشخيص هذه الأمراض؟

https://www.pexels.com/photo/clinician-writing-medical-report-1919236/

يتم إحالة المصاب بمرض جسدي للقيام بفحص طبي شامل، فإذا كانت الإصابة لم تحدث لأسباب عضوية فإنه يرجح إصابته بأحد الأمراض النفسجسدية، أي أن منشأ الأعراض هو مشكل نفسي وليس جسدي، وهنا يتم توجيهه للمتابعة لدى المختص النفسي.
من أهم المؤشرات التي يعتمد عليها المختص النفسي في تشخيص الاضطراب السيكوسوماتي هو ظهور عوامل انفعالية أو مصدر ضغط يسبق الأعراض الجسدية بفترة معينة، أي أن الضغط الانفعالي يكون واضحا على الشخص قبل مرضه مع ارتباط نوع المرض بنمط للشخصية مثل الشخصية A و B التي تحدثنا عنها في المقال السابق، وغالبا ما تكون هناك سوابق عائلية، أي أننا نجد في عائلة المريض أفرادا أصيبوا بنفس المرض أو بمرض يشبهه، كما أن المرض قد يتطور إلى مراحل مختلفة، بالإضافة إلى أن الدليل التشخيصي والتصنيفي 3 DSM الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي سنة 1994 يورد معايير مهمة يجب توفرها لدى المريض قبل التشخيص وهي كالتالي:
1- وجود تاريخ للألم على الأقل في أربعة (04) مما يلي: الرأس ،البطن، الظهر، المفاصل، الأطراف، الصدر، المستقيم، أثناء دورة الحيض، خلال الجماع الجنسي أو خلال عملية التبول.
2- وجود عرضين (02) من أعراض المعدة والأمعاء كتاريخ غثيان، انتفاخ، تقيئ وخاصة أثناء الحمل، إسهال أو عدم القدرة على تحمل مختلف الأطعمة.
3- وجود أحد الأعراض الجنسية التالية : الألم الجنسي، غياب الاهتمام بالجنس، وجود اضطراب وظيفي في الانتصاب أو القذف، عدم انتظام الدورة الشهرية، زيادة مفرطة في دم الحيض، أو تقيؤ طوال فترة الحمل.
4- أحد الأعراض العصبية الكاذبة: مثل : أعراض تحويلية كخلل أو اضطراب في التوازن، شلل أو إحساس بالضعف، الصعوبة في البلع، الإحساس بوجود كتلة تحت الحنجرة، فقدان القدرة على النطق، احتباس البول، هلوسات، فقدان الحس، نوبات من الإغماء، أو فقدان الذاكرة.
بالإضافة إلى المقابلات مع المختص النفسي والتي يعتمد فيها على دراسة الحالة والملاحظة وتحليل المضمون في بعض الأحيان فإنه يحتاج أيضا إلى أدوات أخرى تسمى بالاختبارات النفسية بنوعيها الموضوعية والإسقاطية، فإن كانت الاختبارات النفسية الموضوعية مثل قائمة كورنل تقوم بقياس شدة وتكرار ومدة الأعراض وتأثيرها على مختلف نواحي حياة المريض فإن الاختبارات النفسية الإسقاطية مثل اختبار بقع الحبر ROR واختبار تفهم الموضوع TAT تقوم بالكشف عن نوع بنية الشخص وجهازه النفسي وتنظيمه العقلي ومعاشه الداخلي كالمكبوتات اللاشعورية والتي تكون غالبا السبب في إصابة عضو ما عوض إصابة عضو آخر وذلك بسبب الدوافع الغريزية المكبوتة والتي لم تجد طريقة تفريغ ملائمة كعملية العقلنة مثلا فوجدت مخرجا في اضطراب الوظائف الجسمية.
بالإضافة إلى كل ما سبق يستعين المختص النفسي بأهم شيئ في عملية التشخيص والذي يسمى بـ “التشخيص الفارقي” أو “التشخيص التفريقي” والذي يسمح بالتمييز بين مختلف أعراض الاضطرابات النفسية الأخرى والتي تتشابه وتتداخل بطريقة قد يصعب الفصل بينها، ومن بين الاضطرابات التي تتشابه مع الاضطرابات النفسجسدية نذكر الهستيريا والتي تتأثر فيها خاصة الأعصاب الحسحركية المصاحبة لفقدان السيطرة على الانفعالات أو فقدان الوعي، وتظهر أيضا مشاكل عضوية كالشلل أو العمى أو فقدان الذاكرة، لكن ما يميزها هو أنها تصيب الأعضاء التي يشرف عليها الجهاز العصبي المركزي، وأعراضها عبارة عن تعبير رمزي لدوافع مكبوتة وصراعات لاشعورية، والاضطراب يصيب وظيفة العضو فقط، والعلاج نفسي بحت لا يحتاج إلى أدوية، أما الاضطراب النفسجسدي فيشرف عليه الجهاز العصبي اللإرادي، ويصيب كل من الوظيفة والبنية على حد سواء، وقد يصاب أكثر من عضو، وهو لا يحدث فجأة بل عبر مراحل، ويكون العلاج تكامليا، أي أنه يتطلب كل من الأدوية والعلاج النفسي الذي يتطلب وقتا طويلا.

المصادر:
01-ريحاني الزهرة: العف الأسري ضد المرأة وعلاقته بالاضطرابات السيكوسوماتية، مذكرة ماجستير، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2010.
02-فيصل محمد خير الزراد: الأمراض العصابية والذهانية والاضطرابات السلوكية، دار الفكر العربي، بيروت، 1974.
03-حسن مصطفى عبد المعطي: الأمراض السيكوسوماتية، مكتبة دار الشرق، القاهرة، 2003
04-محمود السيد أبو النيل: قائمة كورنل الجديدة للنواحي العصابية والسيكوسوماتية، المؤسسة الإبراهيمية، القاهرة، 2001.
05-عطوف محمود ياسين: علم النفس الإكلينيكي، دار المعلم للملايين، بيروت، 1994.
06-بيار مارتي، و جان بنجمان ستورا: مبادئ السيكوسوماتيك وتصنيفاته، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1992
07-زينب محمود شقير: الأمراض السيكوسوماتية والنفسجسمية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 2001.

تدقيق لغوي: سليم قابة.

Exit mobile version