نظرا لكون الأمراض النفسجسدية أمراضا تمس كل من النفس والجسد على حد سواء فإن العلاج يجب أيضا أن يكون موجها للنفس والجسد، لذلك نجد أن المصابين بهذه الأمراض يتعاطون أدوية للمرض العضوي الذي يشتكون منه كمرض القولون العصبي مثلا، وأيضا يخضعون لعلاج نفسي محدد يتماشى مع طبيعة مشكلتهم، و في هذا المقال سنتحدث عن طرق العلاج المختلفة التي يتم اتباعها للتعافي أو على الأقل للتخفيف من هذه الأمراض.
1- التكفل الطبي:
هو استخدام الأدوية أو العقاقير للتخلص من الألم أو من الأعراض فقط، فمثلا في حالة القرحة المعدية يتبع المريض نظاما معينا للأكل و يتناول الأدوية اللازمة، وفي حالة البدانة يستعان بالأدوية و تنظيم الغذاء مع استخدام المسكنات و المهدئات للتخلص من القلق و التوتر، و قد يستدعي الأمر التدخل الجراحي في بعض الحالات كالقرحة المعدية مثلا، ولكن لن ننجح من التخلص من المرض إلا إذا اقترن العلاج الدوائي بالعلاج النفسي تبعا لحالة المريض.
2-التكفل النفسي:
من بين أهم طرق التكفل النفسي بالمصابين بالأمراض السيكوسوماتية نذكر ما يلي:
1-2 الاسترخاء: تعمل هذه التقنية على إثارة الإنتاج الهوائي للفرد بهدف الاسترخاء الجسدي والإحساس بالراحة و الوصول إلى اللاوعي، وأيضا التركيز على أجزاء الجسم لتحقيق رابط قطع بسبب الكبت أو النسيان ،و يتم من خلاله تفريغ القلق ، أي أن له وظيفة رسم شكل الجسم و حدوده مما يسمح بتوضيح ما بين الداخل و الخارج، كما يسمح بتقليص الجسم لتلك الحدود أو تمديدها، و يعتبر هذا العلاج أكثر أنواع العلاجات النفسية بساطة، ويمكنك تعلمه بكل سهولة من خلال ما يقترحه عليك الطبيب أو المختص النفسي، أو عبر التسجيلات الصوتية، ويعد الاسترخاء تقنية مهمة جدا لأنها تساهم في تخفيف حدة الأعراض.
2-2-العلاج السلوكي الإدراكي: يرتكز هذا العلاج علي افتراض أن للمرض السيكوسوماتي علاقة بالطريقة التي يتفاعل بها المريض مع ما يحدث له في حياته اليومية، لذلك فهو يساعد علي إدراك نماذج التفكير السلبية.
3-2 العلاج الجمعي التعبيري الداعم:
تقنية تجعل كل مريض ضمن نطاق الجلسة الجماعية العلاجية يعبر عن متاعبه و انفعالاته، وفي دراسة حول مريضات بالسرطان وجد الباحث أن النساء اللاتي خضعن للعلاج النفسي الجمعي ظهر عليهن التحسن بمعدل الضعف موازنة مع النساء المريضات اللاتي لم يتلقين العلاج النفسي ، كما أظهرن وضعية مناعية متحسنة مقارنة بمريضات الضبط التجريبي.
4-2 التصور الذهني “التخيل”:
يقوم على تخيل جهاز المناعة كقوة فائقة تكون في حالة حرب، مثل أن يقوم المريض بالسرطان بتصور الخلايا سرطانية كمدافع أو راميات صواريخ وهو يصدها ، أو يتصور نفسه كسمك قرش يدخل جسمه فيلتهم كل ما يصادفه في طريقه من أورام سرطانية و هذا ما يحفز الشفاء الذاتي، و يقوم المريض بهذا ثلاث مرات يوميا مع الاسترخاء، تساعد هذه التقنية في الحصول على السلام الداخلي، إضافة إلى تسيير الإجهاد وتطوير الكفاءة الانفعالية، مع المساعدة في تسطير أهداف مستقبلية.
5-2 إزالة الحساسية عن طريق تحريك العين EMDR:
يعمل على تقوية جهاز مناعة البدن و خلق صورة ذهنية ايجابية يمكن تثبيتها عن طريق جولات تحريك العين على آلة تتحرك فيها نقطة الضوء ذهابا و إيابا، و يعتبر الاعتقاد بقبول هذا التخيل من جانب المريض شرطا أساسيا لفعالية هذا العلاج حيث تندمج الصورة التخيلية مع الموقف الايجابي و مع مباشرة تحريك العينين.
6-2 العلاج عن طريق الحركة :
يعود هذا العلاج في أساسه إلى نظرية تنشيط المخطط الطاقوي لمكان حدوث الانحباس، أي أنه يسعى لظاهرة الإزاحة و التفريغ نحو الخارج ، فالسلسلة النفس جسدية تكونت بسببها الأمراض الجسدية نتيجة الدفاعات النفسية و الدفاعات العضلية جنبا إلى جنب خلال مراحل النمو، و عليه فإن فك المعادلة بالتخلص من الكف النفسي يؤدي إلى التخلص من الكف العضلي و منه التخلص من القمع الانفعالي ثم من المقاومة و الصراعات النفسية خاصة الصراع النزوي الأصلي، مما يسمح بسريان الطاقة في كامل الجسم و إعادة تنظيم الجملة العضلية المتدهورة، و مع الاسترخاء والتهوية الدماغية يحصل التوازن النفسي الجسدي.
7-2 العلاج عن طريق المحاورات الجسمية :
يستعمل بشكل منسق في علاج مرضى السرطان، يرتكز على أن لمس المريض يبعث رسالة لاواعية يمكنها فهم ما يعبر عنه هذا التوتر وما يحمله من معنى عن البناء و الربط الدينامي والتبادلي بين كل جزء من الجسم مع باقي الأجزاء، أي أنه يسعى لوصول الفرد إلى تمثيل جسمه في الفضاء وترميم صورة جسده وذلك لتحقيق وظيفتين، و ظيفة البناء كشكل ووظيفة البناء كمحتوى له معنى.
8-2 الدعم النفسي:
هو تكفل خاص يتعامل مع الجزء السليم من الشخصية وينميها في حين يترك جزءا من المرض لتناول الأدوية، ومن خصائصه أنه يولي أهمية كبيرة للواقع الحالي للمريض ويستعمل في الحالات التي يكون خلالها هذا المريض بحاجة إلى تقبل مرضه والتعايش معه، وهو علاج نفسي يرافق أي مرض وكل المرضى.
9-2 التغذية الرجعية:
أو الإرجاع الحيوي والذي هو تغذية الجسم من خلال التدريب على قدرة ضبط المعلومات الحيوية التي يمكن استرجاعها من الجسم، أي أنها عملية مراقبة للتنبيه الفسيولوجي للجسم مثل ضربات القلب وضغط الدم، الشد العضلي بهدف تحويل هذه الإرشادات الفيزيولوجية إلى معلومات لها معنى، وهذه الطريقة تستخدم غالبا في علاج زيادة ضغط الدم وزيادة ضربات القلب والصداع النصفي وبعض الآلام العضلية، وتأتى أهمية التغذية البيولوجية المرتدة من كونها أسلوبا يستخدم الأدوات والأجهزة لإمداد الفرد بمعلومات مستمرة عن وظائفه الجسمية التي لا يكون على وعي بها بدون هذه الأجهزة وهي تهدف إلى جعل المريض أكثر وعيا وإدراكا بالتغيرات الجسمية وأكثر قدرة على إخضاعها لسيطرته ومن ثم يصبح أكثر نشاطا في العملية العلاجية.
المصادر:
1-مشري نسيبة: سمات الشخصية وعلاقتها بالتفاؤل غير الواقعي لدى مرضى القولون العصبي، مذكرة ماستر في علم النفس العيادي، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، الجزائر، 2016/2017.
2-فضيلة عروج: إجهاد ما بعد الصدمة لدى العازبات مبتورات الثدي جراء الإصابة بالسرطان، أطروحة دكتوراة في علم النفس المرضي، جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي، الجزائر، 2016/2017.
3-بن علي أمينة: التعقيل لدى المرضى السيكوسوماتيين، مذكرة ماستر علم النفس العيادي، جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، الجزائر، 2013/2014.
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي