أغمض عينيك وتخيل أنَّك شارلز داروين، حسنا نحن نعلم أن طلبنا مبالغ فيه، لكن تحمل طلبنا من أجلنا. في مرحلة من مراحل تعلمك وكذا عملك، كان عليك أن تجلس وتفحص ما وجدته، للنظر من نموذج إلى آخر. فتجد نفسك تجلس وتنهض عن كرسيك باستمرار.
الجلوس والنهوض مرارا أمر مرهق، أليس كذلك؟ شارلز داروين، بالاضافة إلى كونه معروفا بحله لبعض المشكلات، تمكن من إيجاد حل للإرهاق الناجم عن النهوض والجلوس المستمر على الكرسي. للمساعدة في التحرك بسرعة أكبر دون الحاجة إلى الجلوس والنهوض مرارا، قام داروين بتثبيت عجلات على أحد كراسيه، مما أدى إلى صناعة أول “كرسي مكتب دوار” من نوعه. قد نفكر في داروين كأب للتطور، لكن انظر إلى الخلف كيف تطوّر كرسي مكتبك الدوار بمرور الوقت، وستجد داروين في المقدمة.
إذن، كيف تطوّر كرسي مكتبنا الدوار بالضبط وبمرور الوقت؟ غالبا لا نفكر كثيرًا في هذا الأمر، ولكن التجهيزات والآليات والأساليب استمرت في التغير على مدار الوقت. ومن الأسلم أن نقول أننا قطعنا شوطا طويلا منذ الكرسي الدوار لداروين!
عُدلت كراسي المكاتب في منتصف القرن التاسع عشر لتتناسب بشكل أفضل مع بيئة العمل الحديثة والمتطورة وكذا الحاجة المتزايدة للطاقم الإداري بفضل التوسع في نظام السكك الحديدية. كان كرسي Thomas Warren الذي أطلق عليه تسمية Centripetal Spring Chair والذي صُمِّم عام 1849، واحدًا من أول الكراسي المكتبية الدوارة من نوعها. يمكن أن يميل في جميع الاتجاهات، ورُكِّبت تحته عجلات وكان مجهزًا بذراع ومساند الظهر. لقد تم تصميمه حقاً لمساعدة الناس وهم جلوس طوال اليوم دون تعب.
في عام 1912، قام ألبرت ستول – المعروف اليوم باسم Sedus – بإدخال تحسينات على كرسي المكتب الأمريكي الدوار السابق، تم إطلاق أول كرسي دوار في أوروبا يسمى “Federdreh”. وكان يبدو أقرب إلى كراسي المكاتب التي نعرفها اليوم ونحبها.
جلبت سنوات السبعينات من القرن الماضي اهتماما أكثر بمصلحة وراحة العمال، وشهدت التجهيزات المكتبية تطورا كبيرا في عالم الأثاث المكتبي. ساهم الكرسي الدوار The Ergon Chair من شركة Herman Miller الأمريكية في دعم جسم المستعمل له، وتم دمج مقولب رغوة الإسفنج في الكرسي للحصول على مقعد أكثر راحة.
على مدى العقود القليلة التي تلت، شغلت هندسة مكان العمل أهميَّة كبرى، من خلال الاهتمام بدعم أسفل الظهر وذلك بتعديل الكرسي مرار، حتى أصبح الكرسي الدوار الأكثر انتشارا في أيامنا.
من الواضح أن كرسي المكتب قد تطور بشكل كبير مع مرور الوقت. في المرة القادمة التي تجلس فيها على الكرسي الدوار المريح، يمكنك القيام برحلة عبر الذاكرة والتفكير في جميع العقول العظيمة التي ساعدت في جعله ما هو عليه اليوم!
إعداد: ريما أوتمون
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي