قضى بلوتو وقتًا عسيرًا بعد تجريده من كونه كوكبًا، بالطبع الأرض مليئةٌ بالأشخاص الذين يرتدون قمصانًا داعمين فيها قضية بلوتو الذي كان يُسمى بالكوكب الأصغر، لكن هذا الأمر لا يغير من حقيقة أن العلماء لن يسمحوا بإعادته إلى “نادي” الكواكب مرة أخرى، فعلى الأقل حصل على بضع سنوات من كونه أبعد كوكب عن الشمس قبل أن يجرد من هذا اللقب، إلا لو كنت على قيد الحياة بين عامي 1979 و 1999 لعشت عدة سنوات كان نبتون فيها الكوكب الأبعد في النظام الشمسي.
الرقصة الكونية
بمجرد وصولك إلى أقاصي النظام الشمسي، تبدأ الأمور بالتباطؤ بشكل كبير، فكر بهذا، تمَّ اكتشاف بلوتو في عام 1930، وتم تجريده من كونه كوكب عام 2006. وخلال 76 عامًا بين هذين التاريخين، دار فقط حوالي ثُلث دورة حول الشمس، فلن يكمل أول دورة – عام – له منذٌ اكتشافه حتى عام 2178. من يدري مالذي سيستجد في قائمة الكواكب وقتها؟
يدور الجسم الفلكي “الدخيل” بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة أرضية، لهذا سنشاهده يكمل دورته بعد مرور هذه المدة. ومن الجدير بالذكر أنه بين الحين والآخر ونتيجة لمداره البيضاوي يظهر بلوتو أقرب للشمس من نبتون لهذا صُنّف نبتون الأبعد بين العامين 1979 و 1999، فكل هذا له علاقة “بالحضيض”.
الحضيض هو أقرب نقطة يكون فيها الكوكب من الشمس، بينما الأوج هو أبعد نقطة يكون فيها الكوكب عن الشمس في مداره. هذا النقاط بصفة عامة يتم قياسها بالوحدات الفلكية AU – إختصارًا لـ Astronomical Units – فواحد AU يساوي متوسط المسافة بين الأرض والشمس، حوالي 93 مليون ميل (150 مليون كيلومتر).
من الجدير بالذكر أن الحضيض الأرضي يبلغ 0.98 وحدة فلكية، بينما الأوج الأرضي يبلغ 1.01 وحدة فلكية، فبفضل مدار الأرض الشبه الدائري لا يوجد فرق كبير بين أقرب نقطة وأبعدها للشمس. ولكن بما أن مدار بلوتو بيضاوي الشكل فإن الفرق هائل جدًا، فأوجه يبلغ 49.5 وحدة فلكية – ما يقارب 50 مرة ضعف المسافة بين الشمس والأرض – وحضيضه يصل إلى 29.7 وحدة فلكية، وعلى النقيض من ذلك، يدور نبتون بمدار دائري الشكل مثل مدار الأرض، حيث أوجه 30.4 وحضيضه 29.8 من الوحدات الفلكية، وهذا يعني أنه في كل مرة يدور فيها بلوتو دورة كاملة، فإن أقرب نقطة له للشمس يكون فيها أقرب من جاره العملاق الثلجي نبتون بـ0.1 وحد فلكية (9.3 مليون ميل، 15 مليون كيلومتر).
بين عامي 1979 و 1999 ظهر مدار بلوتو أقرب للشمس من مدار نبتون.
طرقٌ سخيفة
حقيقة أن مدار بلوتو طويلٌ وإهليجي ليست الشيء الغريب الوحيد حول هذه الكوكب القزم، فبالإضافة إلى ذلك يميل بلوتو بزاوية 17 درجة، وفي حين أن جميع الكواكب الثمانية (لا يزال من المؤلم كتابة ثمانية فقط) تقع على مستوى مسطح نسبيًا بالنسبة للشمس، إلا أن مدار بلوتو يميل بزاوية حادة بالنسبة للكواكب الأخرى، مثل الأرجوحة المعلقة في مكان واحد، على الرغم من أن مداره الغريب لم يلعب دورًا في استبعاد بلوتو من قائمة الكواكب، إلا أن الأمر ربما يرجع إلى نفس العامل: “الحجم”.
بالرغم من أن العلماء ليسو متأكدين حتى الآن، لكن التفسير الرئيسي لسلوك بلوتو الغريب قد يكمن في كونه صغيرا للغاية لدرجة أن نبتون له تأثير كبير على حركته، فربما على مدار الـ 4.5 بليون سنة الماضية الكويكب الصغير قد خضع لجاذبية الكوكب الأكبر ونتج عن ذلك مدارٌ لا يشبه مدار أي كوكب آخر (لكن ليس بخلاف الأجسام الأخرى في حزام كبلير). ربما بلوتو قد فقد مكانته في نادي الكواكب، لكن بكل غرابته، لن يفقد مكانه في قلوبنا.
المصدر: هنا
تدقيق: زين العابدين لطرش.