تعمل الغدة الدرقية لدى كل منّا على إفراز هرموني الثيروكسين (thyroxin T4) وثلاثي يود ثريونين (triodothyronin T3) تحت تأثير ومراقبة الـ TSH الذي يتم إفرازه من طرف الغدة تحت السريرية. لكي تعمل الغدة الدرقية بشكل جيد تحتاج إلى عنصر اليود كونه مكوّن أساسي لهرومني الـ T3 و T4.فماذا لو لم نتناول هذا اليود؟ ماذا قد يحصل لو تناولناه بكمية غير كافية؟ لنتعرف على ذلك من خلال هذا المقال.
اليود “I” هو العنصر الكيميائي من عائلة الهالوجانات، يعتبر من العناصر النزرة (Trace element/ oligoélément) الهامة لجسم الإنسان.
تختلف حاجة كل منّا اليومية لليود حسب العمر، إذ تقدّر بـ80 ميكروغرام (مكغ) لدى الأطفال من سنة إلى ثلاث سنوات، وبـ90 مكغ للأطفال من ثلاث إلى ست سنوات، وبـ120 مكغ من 6 إلى 12 سنة، وبـ150 مكغ ابتداءًا من 12 سنة فما فوق. لكن لدى المرأة الحامل يجب أن تتناول على الأقل 200 مكغ يوميًا لكي تتيح للجنين أن ينمو بشكل جيد ولتتكون لديه خلايا عصبية جيدة، تمتد الحاجة لهذه الكمية يوميًا طيلة فترة الرضاعة.
ماذا يحدث عند نقص اليود؟
تتأثر الغدة الدرقية مباشرة بنقص اليود في الجسم ما ينجم عنه بما يسمى بقصور الغدة الدرقية (hypothyroidism/ hypothyroïdie). عدة أعراض لهذا القصور يمكن أن تظهر منها: الإرهاق الواضح، ضعف الذاكرة، إمساك، تشنجات وسوء الحالة الصحية…، وكون أنّها لا تحدث في نفس الوقت يمكن ألّا نلاحظها. وتزامنًا مع تراكم هذا القصور تزيد الغدة الدرقية من حجمها في محاولة لالتقاط أكبر قدر ممكن من اليود من الدم ما ينتج ما يسمى بتضخم الغدة الدرقية أو الدُّرَاق، إذا لم يعالج فقد يصبح الوضع كارثيًا إذ قد يصل إلى انتفاخ كلي للوجه.
لدى النساء، قصور الغدة الدرقية يؤثر بشدة على الدورة الشهرية للحيض. بل يمكن أن يسبب العقم، لذا يجب إجراء تحاليل تقييم للغدة الدرقية لدى من يعانين من مشاكل أو تأخر الحمل.
عندما يفتقر الطفل لليود، قبل ولادته أو في سنواته الأولى، فإنّ جهازه العصبي هو أوّل من يتأذى. حيث أنّ دماغه لا يمكنه التطور بشكل صحيح ما قد يصيبه بتخلف عقلي. وبالإضافة إلى ذلك، فان جسمه لا ينمو بشكل طبيعي، انتفاخ في الوجه، تضخم اللسان، عجز تنسيق الحركات: وهذا ما يطلق عليه مرض الفَدَامَة (Cretinism/ Crétinisme).
من أين يمكن الحصول على اليود؟
اليود لا يتواجد إلا نادرًا جدًا في الأرض، لذا فإنّ عدد قليل جدّا من الأطعمة النباتيّة تحتويه بكميّة ضئيلة. لكنّه يتواجد أساسًا في الأطعمة البحرية حيث تحتوي الأسماك (250 إلى 80 مكغ) وأيضا القشريات والمحار (92 مكغ في المتوسط). وأخيرًا الطحالب غنية بشكل خاص باليود وخاصة عندما تكون جافة، إذ يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 75000 مكغ. حتى أن الصينيين القدماء كانوا يعالجون تضخم الغدة الدرقية بالطحالب البحرية منذ أكثر من 4000 سنة مضت.
تنصح الهيئات الصحّية العالمية (منظمة الصحّة العالمية، اليونسيف ..) لإضافة اليود للنظام الغذائي عن طريق إضافته لملح الطعام العنصر الذي لا تكاد تخلوا منه وجبة وبمقادير محددة وبهذا يضمن وصول هذا العنصر الضروري وبكميات كافية لجميع الأفراد، كما أنّها طريقة سهلة وغير مؤذية لإدخال اليود في النظام الغذائي.
وقد أثبت هذا الإجراء فعاليته المرتفعة جدًا، لدى الكثير من المجتمعات خاصة تلك التي يفتقر نظامها الغذائي للكميات المناسبة من اليود، ما ساهم إيجابيًا في الحد من اضطرابات الغدة الدرقية. وهو ما دفع العديد من الحكومات إلى فرض وتقنين إضافة اليود لملح الطعام.
هنا في الجزائر و بموجب القرار التنفيذي 40-90 المؤرخ بـ 30 جانفي 1990 لا يسمح بتسويق إلا الملح المدعم باليود بقيمة 50,55 مغ/كغ كحد أدنى و84,25 مغ/كغ كحد أقصى.
المصادر:
تدقيق: لمونس جمانة