منذ وجود الإنسان على سطح الكوكب الأزرق والمُوسيقى تُرافقه، فكانت شاهدة على قيام وسقوط الحضارات، على الحروب ورائحة الموت، على الأفراح والمآسي، على رقصات النبلَاء والفُقراء وَعلى القرابين في المَعابد.
يَختلف استعمال الموسيقى من حضارة إلى أُخرى، فكُل شعب ترجَمها حسب أُسلوب مَعيشته، هنا سنَتحدث عن ثَلاث حضارات رئيسيّة وطريقة رؤيتها للمُوسيقى.
1- حضَارة بلاد ما بين الرافدين (3500 سنة ق.م):
على ضفتي نهر دجلة ونهر الفرات تأسست عدّة مدن، شكلت فيما بعد دولًا وممالك، عُرفت حضارتهم بحضارة بلاد الرافدين_العراق. كانت الموسيقى عند أهل الرافدين شعبيّة ومتاحة للجَميع ولكل من الجنسين، كما كان العزف على الآلة يُعد عملًا يؤجر صاحبه عليه، كانت الموسيقى تُقدم كقُربان للآلهة أو تُعزف كعلامة على السلام، إلى جَانب حُضورها في مراسيم التتويج وحفلات الزوَاج. عُزفت الموسيقى على عدّة آلات كالناي وآلات الإيقاع إلى جَانب قيثار الثور.
2- الصين القديمة (5000 سنة ق.م):
كان الحُكم في الصين قديمًا منحصرًا على السلالات، رغم أنّ السلالات كانت في صراع على البقاء إلا أنّها خلّفت وَراءها حضارة غنيّة وقويّة امتدت إلى عَصرنَا هَذا. كانت المُوسيقى مُهمّة عند الصينيّين لدَرجة أنّهم أنشؤوا مكتبًا خاصًا بأمور المُوسيقى خلال فَترة حُكم سلالة (Shang)، والذي تحوّل فيمَا بعد إلى وَزارة عَلى رأسها وزير للمُوسيقى في عهد (Chan). يُعد الصينيون من الأوائل الذين كتَبوا مُوسيقاهم، وطبعُوها على الأوراق والجُلود وعظام الحيوانات. كانوا يكتبون أسماء النوتات وطريقَة العزف، وكانت لهم أربع نوتات أولًا (يونغ-يانغ-تزي-يو) وهي (دو ري صول لا) بنفس الترتيب، ثم أُضيفت النوتة (ياهو) وهي (مي).
للصينيين عدّة آلات، تَتميز مُعظمها بالقدرة على استمرار النوتة وعدم تقطعها، كـ”البيبا” وهي آلة هوائيّة تشبه الناي، “الأغهو” آلة وترية تعزف بقوص، “قو تشين” هي آلة وترية نقرية.
الكتابة الموسيقية الصينية
3- الحضارة المصرية (3000 ق.م) :
على ضفاف نهر النيل نشأت مصر الفرعونيّة، بلاد الأَهرامات التي كانت الموسيقى فيها ذات طابع طبقي فهي لم تكن متوفرة إلّا للفراعنة، النبلاء والمعبد. ما يميز فعلًا الموسيقى في هذه الحضارة أنّ لكل طبقة موسيقى خاصة بها، فهناك موسيقى البلاط وموسيقى الجنائز وموسيقى المعبد، وكغيرهم استعملوا الناي والطبل والسيستر الذي كان يخصهم وحدهم.
آلة السيستر (sistrum):

تُعد الحضارات الثلاث المنبع الأوّل للموسيقى وقد ساهمت في وضع الأسس لها لكي تتطور فيما بعد وتصبح ما هي عليه.
تدقيق: لمونس جمانة.