صنفت منظمة الصحة العالمية مادة الفلورايد ضمن 10 مواد كيميائية تمثل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة، إذ يصبح الفلورايد مادة سامة إذا تجاوز كمية 1 ملغ/اليوم لدى الأطفال، و 4 ملغ/اليوم لدى الكبار، ومن السهل بما يكفي الوصول لهذه الكمية، بالنظر إلى العدد الكبير للمنتجات التي نستهلكها يوميا وتحتوي مادة الفلورايد، من معجون الأسنان، إلى ملح الطعام، والمياه المعدنية، وماء الصنبور والعديد من المنتجات الأخرى.
لكن كيف تحول من سمّ إلى مادة تعالج تسوس الأسنان؟!
كانت شركة «ألكوا-Alcoa» هي من جلب الشهرة للفلورايد في ثلاثينيات القرن الماضي، ففي ذلك الوقت كانت شركة عملاقة في صناعة الألمنيوم في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت تستخدم الفلورايد لاستخراج الألمنيوم، لكنها واجهت مشاكل كبيرة لأنّ هذه العملية تسببت في إنتاج غازات سامة، ورُفعت ضدها دعاوي قضائية، وفي هذا الصدد يقول المحقق الصحفي وصاحب كتاب «خدعة الفلورايد» الذي قضى 10 سنوات يحقق في هذه القضية :” في مصانع الألمنيوم كان الفلورايد سما قاتلا وكان يتسبب في إصابة العمّال بمشاكل صحية خطيرة، وأصيب الناس والحيوانات حول المصانع بالتسمم، واحتاجت شركة «ألكوا» لدفاع عن نفسها ضد الدعاوي القانونية والقيام بدعاية جيدة للفلورايد، وانشأوا معهد «مولون للعلوم التطبيقية»، وهو مختبر أنشأه عمالقة صناعة الألمنيوم لخدمة مصالحهم، وضغطت شركة «ألكوا» على عالم اسمه «جيرارد كوكس» ، للقيام بدراسة تأثير الفلورايد على الأسنان وأجريت التجارب على الفئران، وظهر أنّ الفلورايد مفيد لصحة الأسنان، واعترف «كوكس» بنفسه أنّ شركة «ألكوا» أثرت في دراسته، لكي يكون هناك استخدام مفيد للفلورايد مقابل تعتيم أضراره على الصحة، ومن هنا أصبح السم علاجًا لمقاومة تسوس الأسنان”، و أعيدت كتابة تاريخ الفلورايد، وأصبح مادة تستخدم في العديد من المنتجات حول العالم بل ويعطى للأطفال دوريا على شكل أقراص في بعض البلدان.
قامت البروفيسورة «آن ماري موسي» رئيسة مصلحة جراحة الفم والأسنان بجامعة ستراسبورغ وزملاءها، بدراسة تأثير الفلورايد على الأطفال، وجدت 45.1% من الأطفال بين 4 و12 سنة يتناولون كميات كبيرة من الفلورايد، نتيجة المياه وملح الطعام المعزز به، أو بسبب وصفات طبية لا تناسبهم (40% من الأطباء يصفون لمرضاهم الفلورايد دون تقييم أولي لمدى تعرضهم له)، أو باشتراك هذه الأسباب، وتقول البروفيسورة «موسي»: “يجب أن تكون الجرعة التي نأخذها دقيقة جدا، ومناسبة لوزن الطفل، فإن كانت منخفضة جدا فلن تجدي شيئا، وإن كانت الجرعة زائدة أصبحت سامة، لذلك على الأطباء تقييم نسبة تعرض مرضاهم للفلورايد قبل وصفه لهم”، وتقول أيضا:” عند تسمم الأسنان بالفلورايد، نلاحظ بقع بيضاء على جميع الأسنان ويمكن أن نرى ثقوبًا صغيرة عليها، وقد يتحول لون الأسنان إلى اللون البني الدائم، لأن طبقة «المينا-Enamel» مسامية”، وتنصح البروفسورة باستخدام معجون الأسنان بكميات قليلة، فيكون حجم المعجون على الفرشاة بحجم حبة البزلاء.
وفي عام 2008 طلب البروفسور «مايكل غولدبيرغ» من جامعة ديكارت، وخبراء من الوكالة الفرنسية لسلامة المنتجات الصحية، من الأطباء العمل بطريقة مغايرة والتوقف عن وصف الفلورايد كيفما كان، وضبط ذلك بشكل دقيق، و أعلن أنّ مماراسات أطباء الأطفال وأطباء الأسنان في وصف الفلورايد كانت خطأ طبيا.
وفي دراسة أخرى، قام الباحثان في العلوم الطبيعة والأحياء على التوالي «بول لانش» و«اردهانا ميهرا» وطاقمهم من جامعة ديربي، بدراسة حول مستويات الفلورايد في الشاي، حيثوا قاموا بتجريب 30 خلطة مختلفة من الشاي على أسنان سليمة، للبحث عن كمية الفلورايد بدقة، وكانت النتائج مفاجئة، ف 6 من 10 خلطات كانت تحتوي على نسبة من الفلورايد تضع صحتنا في خطر.
ويقول «بول»:” لقد وجدنا أنّ الشاي النقي يحتوي على حوالي 2ملغ من الفلورايد لكل لتر، ويحتوي شاي «ألونغ-Olong» على قيمة مشابهة، وتحتوي خلطات الشاي الأسود (التي تبيعه العلامات التجارية الرئيسية ) والشاي الأخضر على نفس تركيز الفلورايد تقريبا أي من 3 إلى 4 ملغ لكل لتر، لكن الخلطات الرخيصة من الشاي الأسود كانت تحتوي نسبًا مرتفعة جدا من الفلورايد”، لأن هذا الشاي الاقتصادي تقطف جميع أوراقه آليا، وغالبا ما تكون الأوراق السفلية والقريبة للأرض من نبتة الشاي مشبعة بالفلورايد.
وأظهرت دراسة أخرى قام بها بروفسور الغدد الصماء « جولي هانجر جونسون» من كلية الطب مايو، أنّ الإفراط في شرب الشاي يسبب أمراضًا خطيرة للهيكل العظمي بسبب النسب العالية للفلورايد.
وأمام هذه النتائج، يبدو أنّ الفلورايد مادة شديدة السمية، وينبغي علينا التخلص منها، بغض النظر عن بعض فوائده، والمصالح الاقتصادية.
تدقيق لغوي: زينب هلالي