وجد الباحثون معدنًا يوصل الكهرباء ولايوصل الحرارة. معدن ذو خاصية مدهشة يتحدّى معرفتنا الحالية عن آلية عمل الموصلات. هذا المعدن يناقض قانون ويدمان-فرانز Wiedmann-Franz Law الذي ينصّ على أنّ الموصلات الجيّدة للكهرباء تكون نسبيًّا موصلاتٍ جيّدة للحرارة، كما يلاحَظ في حالة المحرّكات والأجهزة الكهربائية؛ حيث تصبح حارّة عند استخدامها بشكلٍ منتظم.
لكنّ فريقًا من الباحثين من الولايات المتّحدة وجدوا خلاف ذلك في معدن ثنائي أوكسيد الفانديوم (Vanadium Dioxide VO2). هذا المعدن يُعرف أيضًا بقدرته الغريبة على التحوّل من مادّة عازلة شفّافة إلى مادّة موصلة في درجة حرارة °67 سيليزية.
هذا المعدن قد يكون ذا فائدة عظيمة في المستقبل، حيث يمكن أن يستفاد منه في تحويل الحرارة المفقودة من المحرّكات والأجهزة إلى كهرباء، وبذلك يقلّل من الخسارة في الطّاقة، أو يُستخدم لتغطية النوافذ ليحافظ على برودة المباني.
صحيحٌ أنّ هناك الكثير من المعادن التي توصل الكهرباء أفضل من توصيلها للحرارة، لكنّها تُظهر هذه الخاصية فقط في مئات درجات الحرارة تحت الصفر المئوي، ممّا يجعلها غير عملية للتطبيق في الحياة اليومية.
من جهةٍ أخرى، فإنّ ثنائي أوكسيد الفانديوم على الأغلب هو المعدن الوحيد الذي يوصل الكهرباء في درجات الحرارة الدافئة أفضل من درجة حرارة الغرفة. هذا يعني أنّ هناك مجالًا أوسع لاستخداماته العملية.
لكشف الخواص الغريبة التي يمتاز بها هذا المعدن، قام الباحثون بمشاهدة طريقة تحرّك الالكترونات داخل البنية الكرستالية لثنائي أوكسيد الفانديوم بالاضافة إلى كمّية الحرارة المتولّدة. وبشكلٍ مدهش، وجد الباحثون أنّ التوصيل الحراري الذي تسبّبه الالكترونات في قطعة المعدن كان أقلّ بـ 10 مرّاتٍ من الكمّية التي تنبّأ بها قانون ويدمان-فرانز. اتّضح أنّ سبب هذا هو الحركة المتزامنة التي يتحرّكها الالكترون في البنية البلورية للمعدن.
يقول جونكياو وو Junqio wu رئيس فريق الباحثين:”إنّ الالكترونات تتحرّك بانسجامٍ بعضُها مع بعض أشبه مايكون بحركة السوائل، على عكس حركة الالكترونات في المعادن الأخرى التي تكون حركة جزيئاتها فردية”. ويضيف أيضًا:”بالنسبة للالكترون، الحرارة هي حركة عشوائية، المعادن تنقل الحرارة بكفائة لأنّ هناك العديد من المراتب التي يمكن للالكترون التنقّل بينها. وعلى النقيض من ذلك، فإنّ حركة الالكترونات في ثنائي أوكسيد الفانديوم المشابهة لحركة الفرقة الاستعراضية تخفض من نقل الحرارة لأنّ عدد المراتب المتاحة لكي تقفز الالكترونات بينها تكون أقل”.
الأمر المدهش الآخر هو عندما قام الباحثون بمزج ثنائي أوكسيد الفاناديوم مع معادنَ أخرى،لقد استطاعوا أن يتلاعبوا بمقدار التوصيل الكهربائي والحراري، هذا الأمر سيكون له فائدة عظمى في التطبيقات المستقبلية. فعلى سبيل المثال، عندما مزج الباحثون ثنائي أوكسيد الفاناديوم مع التنجستن Tungesten، استطاعوا أن يخفضوا درجة الحرارة التي يكتسب بها هذا المزيج الصفات المعدنية، وجعلوه أيضًا موصلًا أفضل للحرارة. هذا يعني أنّ ثنائي أوكسيد الفاناديوم يمكن أن يستخدم في تبديد الحرارة الزّائدة المتولّدة في الأنظمة عن طريق توصيل الحرارة فقط عندما تصل إلى درجةٍ معيّنة، وقبل هذه الدرجة يكون عازلا للحرارة.
الخاصية الأخرى التي يمتلكها ثنائي أوكسيد الفاناديوم أنّه شفّاف في درجة حرارة تقارب الـ 30 درجة سيليزية، أمّا في درجة حرارة فوق الـ 60 درجة سيليزية، فيبدأ بعكس الأشعّة تحت الحمراء، لكنّه يبقى شفافًا بالنسبة للضوء المرئي. يمكن استخدام هذه الخاصية في تغطية النوافذ، فيخفض درجة حرارة المبنى بدون الحاجة إلى استخدام التكييف.
المصدر: هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: Hadjer Benyamina