اكتسبت مُشكلة العقم اهتمامًا متزايدًا على مدى العقود القليلة الماضية، إذْ تُسهم العديد من العوامل في ذلك، فمثلًا: قد تؤثّر بعض الأدوية في خصوبة الأفراد ممّا يؤثّر في القدرة على الإنجاب. وتعتبر العقاقير المضادة للذهان المُتهّم الرئيسيّ في ذلك، مع العلم أنّها تُستخدم لعلاج العديد من الاضطرابات النفسية كاضطراب الفصام وغيرها كالأرق واضطرابات القلق والاكتئاب الشديد والاضطراب ثنائي القطب.
إنّ الحصار المفروض على مستقبلات الـدوبامين dopamine D2 يُمكن أن يؤدي لزيادةٍ في مستويات البرولاكتين prolactin، حيث أنّ ارتفاع مستويات البرولاكتين prolactin (أو فرط برولاكتين prolactin الدم) يُمكن أن يؤدي إلى اضطراب دورة الطمث والإباضة، وذلك بسبب تغيّرٍ في مستويات هرمون الأستروجين “estrogen” وهرمون الـ FSH، لأنّ النساء اللواتي يعانين من فرط برولاكتين prolactin الدم قد يعانين أيضًا من انخفاض الرغبة الجنسية، ودرِّ اللبن -أي تسرب الحليب من الثديين- وربّما زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام.
كلّ العوامل (الأدوية) المضادة للذهان القديمة أو النموذجية، بما في ذلك الـهالوبيريدول (هالدول)، (haloperido (Haldol، كلوربرومازين (ثورازين) (chlorpromazine (Thorazine، البيرفينازين (تريلافون) (perphenazine (Trilafon، تُسبّب زيادةً في مستويات البرولاكتين prolactin بنسبٍ، لكن وُجد أنّه من بين أحدث الأدوية المضادة للذهان غير النمطية، الريسبيريدون risperidone الذي يُعدّ الاحتمال الأوّل المُتسبب في فرط برولاكتين prolactin الدم بين كل هذه العوامل، كما أنّ مستوى فرط برولاكتين prolactin الدم يعتمد على نسبة الجرعة المأخوذة أيضًا، ومع ذلك فإنّ مستوى البرولاكتين prolactin التي تحدث آثار جانبية متغيرة، في واقع الأمر فإنّه حتى الجرعات الصغيرة جدًا قد تُسبّب آثارًا جانبيّة كبيرة لدى بعض الأفراد.
عادةً ما تتراوح مستويات البرولاكتين prolactin المرتفعة من “20ng/ml” إلى “100ng/ml” أي ما يعادل (8g/ml وهي نسبةٌ طبيعيةٌ)، كما تحدث الإباضة وينقطع الطمث عادةً مع زيادة حوالي 15٪ في مستويات البرولاكتين prolactin، كذلك حالة درّ اللبن من الثدي مع زيادة 30٪، والعقم مع زيادة 35٪.
ينبغي أن يتمّ فحص جميع المرضى الذين عُولجوا عن طريق هذه الأدوية المضادة للذهان المسؤولة عن ارتفاع نسب البرولاكتين prolactin من أجل معرفة أنماط دورة الطمث، كما يجب رصد مستويات البرولاكتين prolactin على أساسٍ منتظمٍ.
وفي حالة حدوث انقطاع لدورة الطمث، يُمكن خفض الجرعة، إذا كان ذلك ممكنٌ عياديًا مع ملاحظة النتائج المتغيّرة، يمكن استخدام الـبروموكريبتين (bromocriptine) أو الأمانتادين (amantadine) لخفض مستويات البرولاكتين prolactin، وللإستفادة أكثر يمكن استخدام مضادات ذهان أخرى غير نمطية مثل: أولانزابين (olanzapine)، كيتيابين (quetiapine)، كلوزابين (clozapine)، أريبيبرازول (aripiprazole)، أو زيبراسيدون (ziprasidone)، يبدو أنّ هذه المضادات لها تأثير أقلّ ولمدةٍ قصيرة في ارتفاع نسبة البرولاكتين prolactin.
من المهّم للمرضى الكشف عن قائمة الأدوية المُستخدمة لمقدمي الرعاية الصحية، ليتمكنوا من إجراء الفحوصات المخبرية المناسبة وإجراء تعديلات على الأدوية، حيث أنّ فرط برولاكتين prolactin الدم يُعتبر سببًا واضحًا في حدوث العقم، بالإضافة إلى ذلك فإنّ التعديلات التي تحلّ هذه المشكلة قد تمنع العديد من التبعات الأخرى للدواء.
المصدر: هنا
تدقيق لغوي: عماد الدين.ف