
في إحدى الدرَاسات عام 2011 والتي نشرت في “plos biology“، قُدّر عدد الأنواع الحيّة على الأَرض بـ8.7 مليون نوع دون حساب بدائيات النوى. وكان العدد ليَكون أكبر بكثير لولا ما يعرف بالإنقراضات الجماعية وأشهرها والذي يعرفه الجَميع، وقد لا يعرفون غيره هو إنقراض الديناصورات، لكن الأرض شهدت خمس كوارث أخرى، ويقول عُلماء البيولوجيا أنّنا سنشهد الكارثة السادسة قريبًا.
يَعرف عُلماء الأحفوريات بحدوث هكذا كارثة عند مُلاَحظاتهم وُجود أَحافير لأنواع محددة في السجل الأحفوري لطبقات الأرض القديمة ثم اختفاءها في الطبقات التي تليها بملايين السنين. وكما يقول “رُولف شميدت” عالم الأحافير فإنّهم لم يستطيعوا تحديد أسباب كل الإنقراضات بدقة إلا أنّها في الغالب تعود لتغيرات المناخ المفاجئ. وهنا نستعرض أعظم 6 كوارث عرفتها الحياة الأرضيّة.
إنقراض نهاية العصر الكمبري (الكامبرو أردوفيشي Cambrian–Ordovician):
حدث منذ حوالي 488 مليون سنة، وأدى الى إنقراض 60٪ من الكائنات البحريّة. إذ أنّ الأرض في ذلك الزمن كانت تحتوي على الحياة البحريّة فقط، فقد كان هذا بمثابة دمار عظيم لها، ومن بين أقوى الفرضيّات المُفسّرة لهذا الحدث نقص كمية الأوكسجين في المياه بسبب ركودها وتشكل حاجز طبيعي ملحي ذو كثافة عالية حجز الأوكسجين عن الانتقال لمَناطق أٌخرى. من جهة أخرى، يرجّح عُلماء الفلك أنّ السبب الأساسي يعود لانفجار سوبرنوڤا لأحد النجوم القريبة داخل مجرتنا.
من أبرز الأنواع التي انقرضت: بعض من ثلاثيات الفصوص، ذراعيات الأرجل والكونودونت (مخروطيّات الأسنان).
إنقراض العصر الأوردو-سيلوري (Ordovician-silurian):
قَبل حوالي 444 مليون سنة، ويُرجّح أنّه حدث على مرحلتين تفصلهما مليون سنة، ويعتبر ثاني أكبر إنقراض من حيث نسبة الأنواع التي قُضيَ عليها، إذ اختفت حوالي 86٪ من اللّافقاريات البحريّة، والتي شملت ⅓ من فصائل ذراعيات الأرجل، الجرابتوليت، المرجانيات وكذلك شوكيّات الجلد، ويعود ذلك حسب العلماء إلى عصر جَليدي بسبب حركة قارّة غوندوانا البدائية (والتي تواجدت في الحقبة الجيولوجيّة الوسطى) نحو الجنوب ممّا أَدّى إلى انحسار مُستوى المياه، وهذا ما يفسّر وُجود رَواسب بحريّة في المَناطق الصحراويّة الآن.
إنقراض العصر الديفوني المتأخر (late devonian):
وهذا قبل 375 مليون سنة، والذي أدّى إلى إنقراض 75٪ من الأنواع من بينها الفصائل التي نجَت من ثُلاثيّات الفصوص، والسبب المُرجّح الأقوى يعود إلى النباتات البريّة التي نشأت في تلك الفترة والتي بسبب جذورها المُمتدة عميقًا في الأرض، أطلقت مغذياتها في المياه ما جَعل أنواعًا من الطحالب تَتَطور لتمتَص الأوكسجين من المياه، مؤدية إلى اختناق حيَوانات القاع.
إنقراض العصر البرمي-ترياسي (Permian-triassic):
قبل 251 مليون سنة، والتي عرفت بالموت العظيم نظرًا لكونهَا أسوأ كارثة عرفتها الأرض إذ قُضي فيها على 96٪ من الكائنات البحريّة و70٪ من سُكان اليَابسة، كذلك مسّ هذا الإنقراض الحَشرات بنسبة 83٪.
ونَسب العُلماء هذه الكارثة إلى موجة من الظواهر الطبيعيّة المُدمرة بمَا فيها ثورة براكين عظيمة من ناحية سيبيريا أدّت إلى انتشار غاز CO2 في الجو، مَا أدّى إلى استجابة البكتيريا الميثانوجينيّة بإطلاق غاز الميثان من قاع المُحيطات المسبّب للإحتباس الحراري (أو ما يعرف بتأثير البَيت الزُجاجي) المتَرتب عنه ارتفاع دَرجات الحَرارة بشكل رَهيب في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة حمض الكبريت في المياه، وكما يَقول “رُولف شميدت” عالم الأحافير: ” لقد أُعيدت الحياة 300 مليون سنة إلى الوراء بعد هذه الكارثة”.
إنقراض العصر الترياسي-جوراسي (Triassic-jurassic):
قبل حوالي 200 مليون سنة، وهو الإنقراض الأكثر غموضًا لعدم توصّل العُلماء لسبب واضح لحدوثه، وقد أدّى إلى القضاء على 20٪ من الفصائل البحريّة وطائفة من الكونودونت الناجية والثيرابسيدات (حيوانات قديمة تُعد أصل الثدييات) وكذلك جميع مصلبات الكاحلين (الأركوصورات) ممّا أعطى الديناصورات فرصة للهَيمنة علَى الأرض طوال 160 مليون سنة اللاحقة.
إنقراض العصر الطباشيري-الثلاثي (Cretaceous-tertiary):
منذ 65 مليون عاما، وهو معروف بالحدث الأعظم لدى الجميع: إنقراض الديناصورات، وتسبّب أيضا بإنقراض عدد كبير من الزواحف الطائرة (تيروصورات) والتمساحيات وكذلك أَنواع من النباتات، بَينما لم تتأثر الحشرات بمَا حدث. وفي المجمل تتراوح نسبة الأنواع المنقرضة في هذه الكارثة بين 60٪ و80٪، والسبب الذي يُرجّحه أَغلب العُلماء هو اصطدام نَيزك ضخم بالأرض ومَا ترتب عنه من حجب أشعة الشمس ودمار ومجاعات، وكذلك تَزامن الحَدث مع نشاط بركاني هائل، شَكّل الضَربة القاضيَة لسُكان الكَوكَب الأَزرق.
الحياة على الأرض..إلى أين؟
– نُشرت دراسات في مجلة “NATURE” عام 2004 مفادها أنّ مَا يُقارب ال25٪ من كائنات الأرض قد تَنقرض بحلول عام 2050 نتيجة لتداعيات الاحتباس الحراري والتغيرات المُناخية التي نعيشها.
– نَشرت مجلة ”New scientist” في دراسة تَقول أنّ 200 من أَبرز أَنهَار العَالم سَوف تتعرض خلال ال300 سنة القادمة إلى تغيرات جليلة في منسوب مياهها، فنهر النيل مثلًا سيَفقد 18٪ من مُحتواه.
– جُملة الكائنات المهدّدة بالإنقراض تصل إلى 12 ألف نوع (من بينها الپاندا، الغوريلا، وحيد القرن والفهد الآسيوي والجمل ذو السنامين…الخ) .حسنًا، الأرض سائرة نحو إنقراض سادس عظيم، فهل سينجو الإنسان منه يا ترى؟ ليُدَوّن في السجل الأحفوري أنّ هذه الكارثة كانَ سببُها الحروب والتلوث والصيد العشوائي وإزالة الغابَات والتي تسبب فيها هو وحده؟!
هل سيكون هناك ناجون أصلًا للإجابة على هذا السؤال؟!
كل هذا سيبقى مجهولًا لنا، فمن جهة الإنسان مخرّب، ومن جهة أُخرى هو يبدع لينقذ ما تبقى على هذا الكوكب الجَميل.